إذن لماذا تقاعس معاوية عن نصرة عثمان ؟!
والجواب : هو شخصيّة معاوية الماكيافيليّة التي لا يمكن أن ترتكب هذه المجازفة الخطيرة فتُوقد هَكذا خطوة نقمة المسلمين عليه كما أُوقِدت على عثمان ، وزيادة على ذلك وهو الأهم ، كان معاوية يرى أنّ هذه الفتنة قد تَرفَعه وتدفعه إلى مقام ما كان ليحلم به حتّى في المنام. ألا وهو مقام الخلافة وقيادة الأمّة !!
وهل كان لمعاوية مطمع فيها وكبار الصحابة كعليّ وعمّار والزّبير وسعد على قيد الحياة ؟!
نقول : إنّ السرّ موجود في ماكيافيلية معاوية الّذي لولا بعدُ نظره وكثرة أحلامه لما استمرّ على ولاية الشام سنة واحدة ، وهو الذي كان يعيش فيها عيش الأكاسرة والأباطرة.
لقد أراد معاوية كبش فداء لطموحه الكبير ، فكان عثمان أو قميص عثمان ، فما إن قُتل الخليفة حتّى أقام عليه معاوية المناحات وعلّق قميصه على منبر مسجد الشام ، واستغلّ هذا القميص أحسن استغلال حتّى يبدو وكأنّه المدافع عن حرمة الخلافة ويكسب بذلك القلوب.
يُقتل الخليفة ولا ينصره بشيء ، ويأخذ قميصه ويجعل منه قضية السّاعة (١) !
ليس المهم عند معاوية أن يُقتل عثمان ولا تهمّه كذلك الأسماء ، المهم لديه ماذا ستُضيف إليه هكذا أحداث ، وأيّة موجه يركب حتّى تدفعه خطوة إلى الأمام.
_____________________
١) حتّى ضرب بذلك المثل فيقال لمن يستغل شيئاً بسيطاً ويكثر من استغلاله : قميص عثمان.