وتبدأ فصول المسرحية ، فعندما يبايع المهاجرون والأنصار أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ويقوم بعزل جميع ولاة عثمان لما أحدثوا من عظائم الأمور ، يرى معاوية أنّه وصل إلى نقطة الصّفر ، حيث سيعود كما بدأ بل أرذل ، لكن هل يخضع معاوية وأمثاله في كلّ عصر ومصر إلى هكذا نهاية بعد كلّ ذلك العناء ؟!
الجواب : قطعا لا.
وهنا تبدأ الذهنية الشريرة التي تُحوّل المواقف الحرجة إلى مكاسب ، جعل معاوية ينادي بالقصاص من قتلة عثمان شرطا لكي ينعزل ويتنحّى ، وما أذكاه من شرط ! حتّى يكسب شيئين : عدم التنحّي ، وإظهار نفسه بمظهر الشرعية لاستمالة قلوب الناس.
وما أشبه اليوم بالبارحة ! فما أكثر الحكّام اليوم الذين رفعوا قميص فلسطين لكنهم لم يرموا إسرائيل بأيّ رصاصة ، ثم قس على ذلك بقية القمصان وما أكثرها في كلّ عصر وزمان وإن تغيّر المصداق.
ما أذكاه من شرط ! وهل هناك قتلة معيّنون قتلوا عثمان ؟!
إنّ كلّ الأمة قتلت عثمان ، وفي مقدّمتهم عائشة وطلحة والزبير وحتّى ... عمرو بن العاص الذي عزله عن مصر فكان يقول : « كنت ألقى الراعي فأحرّضه على عثمان » (١).
فهل اقتصّ معاوية منهم بعد ذلك حين صار خليفة المسلمين ؟!
... يا له من موقف حرج آخر أشد من الأوّل !!
إنّ جنود الإمام عليّ عليهالسلام يقتربون من خيمة معاوية ، وسيف مالك
_____________________
١) أنظر : الكامل في التاريخ لابن الأثير ٣ / ١٦٣.