الأشتر حامل لواء جيش أمير المؤمنين يلوح أحمر تحت لهيب الشمس في ذلك اليوم من أيام حرب صفّين.
هل ستكون الضّربة القاضية التي تأخرت عن معاوية كثيرا ؟! هكذا كان معاوية يفكّر وهو يستعدّ ليحزم أمتعته ويفرّ من الميدان إلى ... امبراطور بيزنطة ربّما.
لكن ما أحلى ذلك السّلاح الذي طالما جرّبه معاوية ولم يخب : « الغاية تبرّر الوسيلة » وجاءت فكرة عمرو بن العاص برفع المصاحف.
الآن ، الآن تقيم للمصحف وزناً يا معاوية وقد خالفت كلّ أحكامه (١) ؟!
ورحم الله أحمد شوقي بقوله :
خرج الثعلب يوماً في ثياب الناسكينا.
وما أكثر اليوم من يرفعون المصاحف لغاياتهم الخبيثة !
والحيلة آتت أكلها ، حيث دبّ الخلاف وطلعت الفتنة بعد رفع معاوية للمصاحف ، وانشقت الأمة إلى فرق وأحزاب ، وما زالت إلى يومنا هذا.
ويظهر معاوية بن أبي سفيان « كرجل سلام » من الدرجة الأولى ، حيث يعقد بعد استشهاد عليّ صلحا مع الحسن بن عليّ ، فيبدو في عيون المسلمين المُستَغْفَلين حريصا على الدّماء وصائناً لها ، لكنّه سرعان ما يغدر بالإمام الحسن ويفتك به ، عن طريق إرسال السمّ إليه بواسطة واليه
_____________________
١) مثل أنه صلّى صلاة الجمعة يوم الأربعاء عند مسيره لحرب صفّين ، والخروج على الحاكم الشرعي ، وقتاله بغيا لبقية المسلمين ، أنظر : مروج الذهب للمسعودي ٣ / ٣٢.