فتحت الكتاب حيث المكان الذي عيّنه لي صديقي بورقة صغيرة ، قرأت الحديث كما أخبرني صديقي ، تعجّبتُ !! اللّهم زدْنا علماً ، وقفزت في ذهني أفكار وأفكار كمن كان يريد مخرجا سريعاً لما هو فيه ، لكني عجزت فاشتعل قلبي غيضا على هؤلاء الّذين أوقعونا في ورطة لا مخرج منها ، ويا ليتها كانت الورطة الوحيدة فما أكثر ما تورّطوا فيه وورّطونا فيه معهم.
قال صديقي : وليس فقط مسلم هو الذي أورد هذا الحديث ، بل أورده كثير من المفسرين والمحدثين من أمثال أحمد بن حنبل في مسنده ، والترمذي والحاكم والطبري وابن حجر في صواعقه ، والسيوطي الشافعي في الدر المنثور ، وابن الأثير في النهاية وغيرهم ممّا لا يحصيه عاد.
قلت : لكن المشهور عندنا هو حديث : « كتاب الله وسنّتي » ، حتّى حفظناه عن ظهر قلب وردّدناه في كلّ مجمع وعلى كلّ منبر ، حتّى سارت به الركبان.
قال : ربّ مشهور لا أصل له ، وعلى افتراض وجود وصحة الحديث فهو يفسّر الحديث الصحيح الأوّل حيث إنّ سنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هي سنّة أهل البيت والعكس صحيح وإذا لم يكن الأمر كذلك لصار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم متناقضا في قوله وأحاديثه.
ثمّ أدار صديقي صفحات أخرى من صحيح مسلم ، وقال : اقرأ !
قرأت عن أبي هريرة قال : « لا تمتلىء ( النار ) حتّى يضع الربّ رجله فتقول : قط قط ويزوي بعضها إلى بعض » (١).
_____________________
١) أنظر : صحيح مسلم ٢ / ٤٨٢ ، مسند أحمد ٣ / ١٣٤ ، العقيدة الواسطية لابن تيميّة : ٧٦.