ومعتذراً عن التقصير في زيارته لي ، ثم قادني مرحّباً إلى غرفته الصغيرة المرتّبة في قعر منزلهم ، حيث وجدته منشغلا بكتابة رسالة إلى أحد أرحامه في الخارج.
اقتربتُ قليلاً من المدفئة الكهربائية لأجفّف نفسي حيث كان شعر رأسي يقطر ماءاً وكان البرد قد أثّر على يديّ وأذناي ، في حين انشغل صديقي بإحضار قهوة ساخنة لنا.
قال صديقي وقد أحضر القهوة معه : خذ لك هذا الفنجان من القهوة حتّى تشعر بالانتعاش بعد ما صرت كالفرخ المسكين بعد هذا البلل.
قلت له ممازحاً : قد لا تكون هذه قهوة ؟!
قال مستغرباً ـ ولم يتفطّن بعد إلى مرامي من هذا السؤال الغريب ـ : إنّها ليست مُسكرة على أيّة حال.
فقلت : إذا كان الأب صوفيّاً والابن شيعيّا فأنا أخشى أنّه إذا لم تُسكرني هذه القهوة فإنّها قد تأخذني الآن في نشوة صوفيّة أجد نفسي معها أنني في العراق زائراً مقام الشيخ عبدالقادر الجيلاني أو ربّما اكتشف أنها عصير برتقال برائحة القهوة !!
ضحك صديقي حتّى احمرّ جبينه وقال : أظنك جئت تستفسر عن التقية ، وأكيد أنّك صرت تشكّ في كلّ شيء حتّى في إسمي وقهوتي !!
قلت : لماذا لم تخبرني أن أساس مذهبكم هو التقيّة ، بل إنّ دينكم هو التقيّة ؟! والآن هات ما في جعبتك من صحيح وباطن عقائدكم ودعك من التهرّب فقد انكشفتْ لي هذه الخدعة ؟
قال صديقي : هوّن عليك ، لقد أعطيت المسألة ما لا تستحق.