اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) (١) ».
قال صديقي بعد ذلك : هذا من القرآن ، هات حديثا من السنّة ؟
تلعثمت قليلا ثم قلت : هل بعد كتاب الله تعالى دليل ؟!
عارضني صديقي قائلاً : أنت قلت عندي دليل من القرآن والسنّة ! ، ثم ما أدراك بمعنى هاتين الآيتين ؟! والسنّة قد فصّلت كثيرا من المجمل الذي ورد في القرآن ، ففصّلت مثلا عدد الركعات ومستحبّات الصلاة ومكروهاتها ونواقضها وغير ذلك كثير. وأنا الآن أريد منك ولو حديثا واحداً يوصي فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن خلافته صلىاللهعليهوآلهوسلم تكون بالشورى ، لأنّ مراد الآيتين المذكورتين ليس خلافته صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا مسألة الحكم في الإسلام ؟
قلت معلّقاً : رويدك إنني أقصد بالشورى أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يوص لأحد من بعده ، وإنّما ترك لهم موضوع الشورى حلاًّ لهذه المسألة ، وقد قام بها الصحابة ممن بعده على أحسن وجه ، هذا كان قصدي من وجود الشورى في السنّة.
قال صديقي وابتسامة عريضة تطبع ملامح وجهه : لنفترض أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يوص لأحد ، هل قال لنا حديثا يقول فيه : « إنّي لا أعيّن أحداً من بعدي لكن الأمر بينكم شورى » ؟
ثمّ لو قال كذلك ـ والواقع لم يرد لنا شيء بهذا ـ هل بيّن حدود الشورى ؟! يعني هل تشمل جميع شعب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي تركه ، أم تختصّ بالمهاجرين فقط ، أو بالمهاجرين والأنصار ، أم هي خاصّة
_____________________
١) سورة آل عمران : ١٥٩.