وإطلاع الله إياه على بوارهم ، فأوحى الله عزوجل « فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ولا تأس على القوم الكافرين » (١).
وأما قوله : « واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا » (٢) فهذا من براهين نبينا صلىاللهعليهوآله التي آتاه الله إياها ، وأوجب به الحجة على سائر خلقه ، لانه لما ختم به الانبياء ، وجعله الله رسولا إلى جميع الامم وسائر الملل خصه الله بالارتقاء إلى السماء عند المعراج ، وجمع له يومئذ الانبياء فعلم منهم ما ارسلوا به ، وحملوه من عزائم الله ، وآياته وبراهينه ، وأقروا أجمعين بفضله وفضل الاوصياء والحجج في الارض من بعده ، وفضل شيعة وصيه من المؤمنين والمؤمنات الذين سلموا لاهل الفضل فضلهم ، ولم يستكبروا عن أمرهم ، وعرف من أطاعهم وعصاهم من أممهم ، وسائر من مضى ومن غبر أو تقدم أو تأخر.
وأما هفوات الانبياء عليهم السلام وما بينه الله في كتابه ووقوع الكناية عن أسماء من اجترم أعظم مما اجترمته الانبياء ممن شهد الكتاب بظلمهم ، فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عزوجل الباهرة ، وقدرته القاهرة ، وعزته الظاهرة لانه علم أن براهين الانبياء تكبر في صدور اممهم ، وأن منهم من يتخذ بعضهم إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم ، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي تفرد به عزوجل ، ألم تسمع إلى قوله في صفة عيسى عليه السلام : حيث قال فيه وفي امه : « كانا يأكلان الطعام » (٣) يعني من أكل الطعام كان له ثفل ومن كان له ثفل فهو بعيد مما ادعته النصارى لابن مريم.
ولم يكن عن (٤) أسماء الانبياء تجبرا وتعززا ، بل تعريفا لاهل الاستبصار أن الكناية عن أسماء ذوي الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن ليست من فعله تعالى ، وأنها من فعل المغيرين والمبدلين الذين جعلوا القرآن عضين ، واعتاضوا الدنيا من الدين.
__________________
(١) فاطر : ٨.
(٢) الزخرف : ٤٥.
(٣) المائدة : ٧٥.
(٤) ولم يذكر أسماء ظ.