من ذلك لمن وافقهم على ظلمهم وكفرهم ونفاقهم ، ومحاولة مثل ما أتوه من الاستيلاء على أمر الامة كل ذلك لتتم النظرة التي أو جبها الله تبارك وتعالى لعدوه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله ، ويحق القول على الكافرين ، ويقترب الوعد الحق الذي بينه الله في كتابه بقوله : « وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم » (١).
وذلك إذا لم يبق من الاسلام إلا اسمه ، ومن القرآن إلا رسمه ، وغاب صاحب الامر بايضاح العذر له في ذلك ، لاشتمال الفتنة على القلوب ، حتى يكون أقرب الناس إليه أشدهم عداوة له ، وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها ، ويظهر دين نبيه صلىاللهعليهوآله يديه على الدين كله ولو كره المشركون.
وأما ماذكرته من الخطاب الدال على تهجين النبي صلىاللهعليهوآله والازراء به والتأنيب له ، مع ما أظهره الله تبارك وتعالى في كتابه من تفضيله إياه على سائر الانبياء فان الله عزوجل جعل لكل نبي عدوا من المشركين كما قال في كتابه وبحسب جلالة منزلة نبينا صلىاللهعليهوآله عند ربه كذلك عظم محنته لعدوه ، والذي عاد منه في حال شقاقه ونفاقه وكل أذى ومشقة لدفع نبوته وتكذيبه إياه ، وسعيه في مكارهه ، وقصده لنقض كل ما أبرمه ، واجتهاده ومن مالاه على كفره وفساده ونفاقه وإلحاده في إبطال دعواه ، وتغيير ملته ، ومخالفة سنته ، ولم ير شيئا أبلغ في تمام كيده من تنفيرهم من موالاة وصيه ، وإيحاشهم منه ، وصدهم عنه وإغرائهم بعداوته ، والقصد لتغيير الكتاب الذي جاء به ، وإسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل ، وكفر ذوي الكفر منه وممن وافقه عل ظلمه وبغيه وشركه.
ولقد علم الله ذلك منهم فقال : « إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا » (٢) وقال : « يريدون أن يبدلوا كلام الله » (٣) ولقد أحضروا الكتاب كملا
__________________
(١) النور : ٥٥.
(٢) فصلت : ٤٠.
(٣) الفتح : ١٥.