ـ « هذا ، إن كنت تقيم للأسباب غير الواضحة لنا ، والتي ليس بمقدورنا تقصِّيها بالكامل ، ما تقيمه من الوزن الحقيقي لها .. لأنك وبذلك كنت قد غفلت أنت الآخر عن أن ما يعكسه ضوء القمر من نسبة الضوء الساقط على سطحه ، هو ما كان ليحدث إلاّ وقياساً إلى حجمه .. لذا ، فما كان لسطح الأرض أن يعكس كامل الضوء الشمسي الساقط عليه ، إلاّ بما يكون بوسعها أن تعكسه مما له أن يتناسب ومقدار حجمها ، وقياساً لكبر مساحتها وسعتها الكروية. وعليه ، فإنّي لا أكاد إلاّ أن أجزم ، لأنك قد استوعبت حال الأجداد والآباء من السالفين والماضين ، وذلك من حيث إنّهم كانوا قد اكتفوا بما اكتفى به القمر نفسه أن يعكسه من ضوء الشمس! وهذا ما يدلل على أنّهم لم يحصلوا على كُلّ ما يجب الحصول عليه ، أو أنهم حصلوا ، ولم يصل إليك منه إلاّ ما له أن يتعين بمثل هذه النسبة الضئيلة والمحدودة .. أتقبل بهذه البضاعة الهزيلة؟! ولو كان يقبلها اللّه لعباده ، لكان لك أن تقبلها أنت الآخر ، ولكنه لم يرضها لهم ، حتّى كان قد سلط النهار على الليل ، ينسخه! وإذا بنا نعيش في ضياء ، يغشانا النور من كُلّ جانب بفعل طلوع الشمس على سطح الأرض ووصول أشعتها إليها .. تهديها إلينا غدائرها الواشعة .. أفيمكنك بعدها أن ترفض نعمة أنعمها اللّه عليك وتردها؟! فأن قنعت بما قنع به آباؤك ، فالأجدر بك أن تذهب إلى القطب ، حيث لا تطلع الشمس هناك إلاّ لمدة ستة أشهر ، وتعيش في ظلمة دامسة ، لا ينير لك سوى القمر ، وهذا الآخر ليس له أن يضيء لك في كُلّ يوم ، وليس له أن يضيء لك في الشهر ثلاثين ليلة ، فضلاً عن أن طلوعه هناك سيتناسب مع أوضاع خاصّة .. بل إن له أن يعكس لك نوراً لا بأس به ، ولا يعكسه لك إلاّ في ليال قلائل ، ليس إلاّ! هذا إن لم يغيبه الغمام ويكلح وجهه