منه ، حيث يقول : ومنها الثقة والاطمئنان بالتربية العلمية على المذهب والاقتصار
عليه في التعليم والافتاء ، ومن طبع الإنسان أن ما يعتاده زمناً طويلاً يملك عيله أمره
ويؤثر في نفسه تأثيراً يصرفها عن كُلّ ما عداه ، إلاّ أصحاب العقول الكبيرة والنفوس
العالية الذين تكون الحقيقة ضالتهم والصواب وجهتهم ».
وعندها قال مازن :
ـ « إنّها كلمات حول الإجتهاد ، فهل يمكنك أن تدلنا على كلمات حول التقليد؟ ».
فقلت :
ـ « أما الذين يحاولون الجمود ويلتزمون بالتقليد فإنّهم عجزوا عن الوصول إلى رتبة الاجتهاد واقتنعوا بعناية السلطان على ما هم فيه من النقص ، فلا يروق لهم بلوغ أحد رتبة الاجتهاد ، ونسبوا مدعيه إلى الجنون كما ذهب إليه الشيخ داوود النقشبندي في كتابه أشد الجهاد حيث يرى أن مدعي الاجتهاد ضال مبتدع ».
استبشر مازن ، وانقلبت سيماء وجهه إلى ضياء .. بينما استروح نبيل ما قلته حتّى ودعتهما يستمعان إلى الثانية ، وأنا أقول :
ـ « ويقول الشيخ أحمد بن عبد الرحيم في تقسيم طبقات المجتهدين : الطبقة الثالثة : من نشأ من المسلمين من رأس المئة الرابعة ويجب على العامي تقليد المجتهد المنتسب لا غير ، أي لأحد المذاهب الأربعة لامتناع وجود المستقل من هذا التاريخ حتّى اليوم ، ثُمّ أورد على نفسه وأجاب ، وأهم شيء يعتمد عليه في أدلته ، قوله : إنّه اجتمعت الأمة على أن يعتمدوا على السلف في معرفة الشريعة فلا بدّ لنا من الرجوع إليهم ، ولا يرجع إلاّ إلى المروي عن السلف بسند صحيح مدون في الكتب المشهورة ، مع بيان الأرجح من دلالتها ، وتخصيص عمومها أو تقييدها والجمع بين مختلفاتها ، ولا توجد هذه الخصوصيات إلاّ في المذاهب الأربعة ، وليس مذهب بهذه الصفة إلاّ الإمامية ،