الأجواء ، وطبق رزؤه الأرض والسماء ».
ـ « كذلك؟ ».
ـ « وأيضا! فإنّ قريشاً وسائر العرب ، كانوا يجدونه على ما آتاه اللّه من فضله ، حيث بلغ به في علمه وعمله رتبة ـ عند اللّه ورسوله وأُولي الألباب ـ قاصر عنها الاقران ، وتراجع عنها الاكفاء ، ونال من اللّه ورسوله بسوابقه وخصائصه منزلة ، تشرئب إليها أعناق الأماني ، وشأوا تنقطع دونه هوادي المطامع ، وبذلك دبت عقارب الحسد له في قلوب المنافقين ، واجتمعت على نقض عهده كلمة الفاسقين والناكثين والقاسطين والمارقين ، فأتخذوا النصّ ظهرياً ، وكان لديهم نسياً منسياً ».
فكان ما كان مما لست أذكره فظنّ خيراً ولا تسأل عن الخبر »
ـ « وغير هذا كُلّه؟ ».
ـ « وأيضا! فإن قريشاً وسائر العرب ، كانوا قد تشوّقوا إلى تداول الخلافة في قبائلهم. واشرأبَّت إلى ذلك اطماعهم ، فأمضوا نياتهم على نكث العهد ، وجهوا عزائمهم إلى نقض العهد ، فتصافقوا على تناسي النصّ ، تبايعوا على أن لا يذكر بالمرة ، وأجمعوا على صرف الخلافة من أول أيامها عن وليها المنصوص عليه من نبيها ، فجعلوها بالانتخاب والاختيار ».
ـ « ولماذا تراهم يفعلون مثل هذا؟ ».
ـ « وذلك ، ليكون لكُلّ حي من أحيائهم أمل في الوصول إليها ولو بعد حين ، ولو تعبدوا بالنصّ ، فقدموا علياً بعد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو الذي ما خرجت الخلافة من عترته الطاهرة ، حيث قرنها رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم الغدير وغيره بمحكم الكتاب ، وجعلها قدوة لأُولي الألباب ، إلى يوم الحساب ».