ـ « على أنّ آية الشهادة هذه ، وبعد التأمل فيها وفي ما يناسبها من الآيات ، تؤكد على حقيقة قرآنية ، يتكرر التعبير عنها في القرآن. وهي موقف الشهادة يوم القيامة ، وتنوع الشهود فيه على أعمال العباد. فهناك الأعضاء والجوارح ، والملائكة المكرمون ، والأولياء المقربون من النوع الإنساني كالأنبياء والصالحين. فيقول تعالى في الزمر : ( وَأشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالحَقِّ ) (١). بينما يقول في النحل : ( وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ اُمَّة شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاءِ ) (٢) ».
في حين رحت استدرك كما فعلت في السابقة ، بعدما اسعفتني بديهتي العلمية وذاكرتي القرآنية :
ـ « كما في النساء كذلك ، إذ يقول : ( إِنَّ اللّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً * فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّة بِشَهِيد وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ) ».
ـ « إذن فكُلّ هذه الآيات تتحدث عن ذلك الموقف بصراحة ، ولا سيما الآيتين اللتين ذكرتهما. إذ نفى الظلم أولاً عن اللّه سبحانه في مجال الجزاء ، ثُمّ فرع عليه المجيء من كُلّ أُمّة بشهيد ، واحضار الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم شهيداً على الشهداء ممّا يكاد يكون صريحاً في الحديث عن ذلك الموقف العظيم ».
عندها التفت إليه ، وكأ نّي قد تذكرت شيئاً جديداً :
ـ « وأصرح من ذلك .. قوله تعالى في سورة هود : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى
____________
(١) الزمر : ٦٩.
(٢) النحل : ٨٩.