ـ « إنّهم حقاً لكذلك؟ ».
ومن دون أن أشعر ، قلت له تعقيباً على لغته تلك الممزوجة بسيل من المشاعر الغالبة :
ـ « مَن هم؟! ».
ـ « هم المؤمنون حقاً! ».
عندئذ ، فهمت ما يرمي إليه. لأ نّه ما عنى إلاّ المعصوم الذي لا يخطئ ، لأنّ شهادته أيضاً هي الأُخرى لا تخطئ ، كشهادة الأنبياء! ولذا ، فإنّ الحاكم يجب أن يكون من المؤمنين الذين لا يخطؤون أيّما خطأ .. كيما لا تخلو شهادته ومراقبته من الدقة ، فضلاً عن أنّه يقوم باتمام الحجة كاملة من دون أيّما غفلة أو سهو أو نسيان أو حتّى خطأ ملموس وغير ملموس! وإذا به يتابع كلامه ، فيقول :
ـ « ويقرب من هذه الآية في الدلالة قوله تعالى في سورة الحج : ( هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ ) ».
فاستعدل في قعدته بعد أن كان قد استرسل على سجيته ، فقال :
ـ « وخلاصة الكلام : إنّ في الأُمّة المسلمة طائفة معينة فازت بمقام الشهادة على الأعمال ، وإنّ هذه الطائفة هي من ذرية إبراهيم عليهالسلام على ما يقتضيه انطباق آية الاجتباء الأخيرة على آية الشهادة حتّى إنّه كانت قد وردت روايات تؤيد بل تدل على ما استفدناه من نفس الآيات ، وذلك من كون الشهادة هي الشهادة على الأعمال! ».