جواب علي ، قال معاوية : بئس ما قلت ، لقد كرهت رجلاً كان رسول الله ( صلىاللهعليهوسلم ) يغرّه بالعلم غرّا ، ولقد قال له : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي ، وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه ) (١).
وفي الرواية مقاطع تدلّ على أهميتها ، منها قوله صلىاللهعليهوآله : ( إنّه لابدّ أنّ أقيم ). وبقوله : ( لا ينبغى أنّ أذهب إلّا وأنت خليفتي ). وهذا يدلّ على أنّه لو لم يبق علي عليهالسلام لبقي هو ، وأنّه يرى علياً كنفسه ، فلا يبقى مجال لمن ادّعى أنّ الخلافة فقط في تلك الفترة كما كان هارون خليفة موسى عندما ذهب لمناجاة ربّه.
ويبيّن ذلك قوله صلىاللهعليهوآله لله أنت وليي في كلّ مؤمن بعدي ، يعني بعد موتي ويبيّن ذلك منازل هارون عليهالسلام من موسى عليهالسلام وهي : الوزارة والخلافة.
ويؤيدّ ذلك أنّ حديث المنزلة تكرر في أكثر من مرّة ، وليس في استخلافه صلىاللهعليهوآله له عليهالسلام في غزوة تبوك.
وكذلك أخبار كثيرة كحديث الغدير الذي فيه : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ). وغيره من الأحاديث والأيات التي أوردت لفظ ( خليفة ) أو ( ولي ) بعد الرسول ، كما سنفصّل فيما بعد ان شاء الله تعالى.
ثمّ إنّ منازل هارون من موسى ليست منحصرة في الخلافة عندما ذهب موسى يناجي ربّه ، بل هي أكثر من ذلك كما بيّن لنا القرآن الكريم ، ومنها :
١ ـ الأخوّة : قال تعالى : ( وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً ) (٢).
__________________
١ ـ ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق ١ / ٣٩٦ رقم ٤١٠ ، الرياض النضرة ٣ / ١٦٢ ، مناقب الإمام علي للمغازلي : ٣٤ رقم ٥٢.
٢ ـ مريم : ٥٣.