الناس : هنيئاً لعمرو أسلم وكان على خير ، ومات على خير أحواله فترجى له الجنّة.
ثمّ بليت بعد ذلك بالسلطان وأشياء فلا أدري أعليّ أم لي؟ فإذا متّ فلا تبكين عليّ باكية ، ولا يتبعني مادح ولا نار ، وشدوا علي إزاري فإنّي مخاصم ، وشنّوا علي التراب فإنّ جنبي الأيمن ليس بأحقّ بالتراب من جنبي الأيسر (١).
نعم ، هذا هو من يسمّوه الداهية ؛ لأنّه مكر على إمام زمانه ، فكانت عاقبته أنّه تمنى لو أنّه بعرة ؛ وذلك من خوف الورود على الحوض عندما يُسأل ما خلّف رسول الله صلىاللهعليهوآله في الثقل الثاني؟ فيقول : يا ليتني كنت تراباً : ( إنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابا ) (٢).
وهذا هو معاوية الصحابي الذي يعدّه البعض خليفة المسلمين ، ولا يجوز ذكره بسوء ، بل إنّه اجتهد وأخطاء فله أجر (٣)!! يعني : من لعن وأمر بلعن من
__________________
١ ـ طبقات ابن سعد ٣ / ١٨١ ، تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ١٩٨ ، الاستيعاب ٢ ص ٤٣٦.
٢ ـ النبأ : ٤٠.
٣ ـ إنّ أهل السنة يتشبّثون بقول : كلّ مجتهد مصيب ، فمن اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطاء فله أجر.
ولكنهم يخلطون بين الاجتهاد في حدود الشرع والاجتهاد مقابل الشرع ، فالاجتهاد يعني : أنّ العلماء الذين درسوا الروايات إذا التبست عليهم المسألة مثلاً : وإذا تعارضت روايتان فيحققونها من ناحية السند والمتن ويعطون رأيهم وفق الضوابط الشرعية ، فهو إن اخطاء فله أجر ؛ لأنّه لم يجتهد برأيه مقابل نصّ ، بل يجتهد في النصّ ، وليس له حق أن يجتهد مقابل رأي المعصوم عليهالسلام.
وأمّا معاوية الذي أسلم تحت وطئ السيوف بالإجماع ، وخرج على الخليفة الشرعي الأفضل منه ، والاشرع منه بالإجماع ، وخالف النص الصريح عند أهل السنة أنّه لا يجوز الخروج على الإمام وشقّ صف المسلمين ، والإمام علي