نهج البلاغة للإمام علي عليهالسلام في خطبة له المعروفة بالشقشقية : ( أما والله لقد تقمصها فلان [ يعني : أبا بكر ] ، وإنّه ليعلم أنّ محلي منها [ من الخلافة ] محل القطب من الرحى ، ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقى إليّ الطير ، فسدلت دونها ثوباً ، وطويت عنها كشحاً ، وطفقت أرتئي بين أنّ أصول بيد جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتّى يلقى ربّه.
فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذىً ، وفي الحلق شجاً أرى تراثي نهباً حتّى مضى الأوّل لسبيله ، فأدلى بها إلى فلان بعده. ثمّ تمثّل بقول الأعشى.
شتّان ما يومي على كورها * ويوم حيّان أخي جابر.
فيا عجباً بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته ـ لشدّ ما تشطّرا ضرعيها ـ فصيّرها في حوزة خشناء ، يغلظ كلمها ، ويخشن مسّها ، ويكثر العثار فيها ، والاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصعبة ، إن أشنق لها خرم ، وإن أسلس لها تقحّم ، فمني الناس ـ لعمر الله ـ بخبط وشماس ، وتلوّن واعتراض.
فصبرت على طول المدّة ، وشدّة المحنة ، حتّى إذا مضى لسبيله ، جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم. فيا لله وللشورى متى اعترض الريب فيّ مع الأوّل منهم ، حتّى صرت أقرن إلى هذه النظائر لكنّي أسففت إذ أسفّوا ، وطرت إذ طاروا ، فصغا رجل منهم لضغنه ، ومال الآخر لصهره ، مع هن وهن.
إلى أنّ قام ثالث القوم ، نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أبيه