والتَّحِيَّةُ طلب حَيَاةِ الْمُحَيَّا من عند الله ، ووصفها بالبركة والطيب لأنها دعوة مؤمن لمؤمن يرجى بها من عند الله زيادة الخير وطيب الرزق.
ومنه قَوْلُهُ (ع) : « سَلِّمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ يَكْثُرْ خَيْرُ بَيْتِكَ ». فـ تَحِيَّةً منسوب إلى ( فَسَلِّمُوا ) لأنها في معنى تسليما ، مثل « حمدت شكرا ».
قوله : ( وَمَنْ أَحْياها ) أي بالإنقاذ من قتل أو غرق أو حرق أو هدم ( فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ).
والإحْيَاءُ الاستبقاء ، قوله حكاية عن نمرود : ( أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ) قال المفسر يريد : أُخلِّي مَن وجب عليه القتل ، وأميت بالقتل (١).
قوله : ( وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ ) أي منفعة ـ عن أبي عبيدة ـ وعن ابن عرفة : إذا علم القاتل أنه يقتل كفّ عن القتل.
قوله : ( حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ ) أي يقولون في تحيّتك : « السام عليك » والسام : الموت.
قوله : ( لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى ) النفي ـ على ما قيل ـ إنما هو لصفة محذوفة ، أي لا يحيى حياة طيبة.
قوله : ( لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ ) قال في الكشاف : فإن قلت : لم قال : ( عَلى حَياةٍ ) بالتنكير؟ قلت : لأنه أراد حَيَاةً مخصوصة ، وهي الحياة المتطاولة.
قوله : ( وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ ) قد يفسران بالخيرات التي تقع في حال الحياة منجزة والتي تصل إلى الغير بعد الموت كالوصية للفقراء بشيء ، أو معناه : أن الذي أتيته في حياتي وأموت عليه من الإيمان والعمل الصالح لله خالصا له.
قوله : ( الْحَيُ الْقَيُّومُ ) أي الباقي الذي لا سبيل للفناء عليه. قال الزمخشري : وهو ـ على اصطلاح المتكلمين ـ الذي يصح أن يعلم ويقدر ، و ( الْقَيُّومُ ) : الدائم القيام
__________________
(١) يأتي الكلام في ( أحييتنا اثنتين ) في « موت » ـ ز.