و « الْحَيَاءُ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ » (١). وذلك لأن الْمُسْتَحْيِي ينقطع بِحَيَائِهِ عن المعاصي ، وإنما جعله بعضه ومن شعبه لأن الإيمان ينقسم إلى الائتمار بما أمر الله به والانتهاء عما نهى الله عنه ، فإذا حصل الانتهاء بِالْحَيَاءِ كان بعض الإيمان.
والْحَيَاءُ ـ ممدودا ـ : الاسْتِحْيَاءُ ، وهو الانقباض والانزواء عن القبيح مخافة الذم (٢) ، قال الأخفش : يتعدى بنفسه وبالحرف ، فيقال : « اسْتَحْيَيْتُ منه » و « اسْتَحْيَيْتُهُ » وفيه لغتان : إحداهما للحجاز ـ وبها جاء القرآن ـ بياءين ، والثانية لتميم بياء واحدة.
وقَوْلُهُمْ : « الِاسْتِحْيَاءُ مِنَ اللهِ حَقُ الْحَيَاءِ ». فسّر بأن تحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى ، وتذكر الموت والبلى.
ومِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ : « إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ». ومعناه : إذا لم تَسْتَحِ من العيب ولم تَخْشَ من العار مما تفعله فافعل ما تحدِّثك به نفسُك من أغراضها ، فقوله : « اصْنَعْ » أمر ومعناه التهديد والتوبيخ ، أي اصْنَع ما شئت فإن الله يَجزيك ، وفيه إشعار بأن الرادع عن المساوئ هو الْحَيَاءُ ، فإذا انخلع عنه كان كالمأمور بارتكاب كل ضلالة وتعاطى كل سيّئة ، قيل : ويمكن حمل الأمر على بابه ، ومعناه : إذا كنتَ في فِعلك آمنا أن تستحيي ، لجريك فيه على سنن الصواب وليس من الأفعال التي يستحيا منها فاعمل ما شئت.
و « التَّحِيَّاتُ لله » قيل : معناه المُلك لله (٣) ، وإنما قيل للمُلك : التَّحِيَّةُ لأنهم كانوا يخصّون الملوك بتحيّة مخصوصة بهم ، فلما كان الملك موجبا للتحية المذكورة على نعت التعظيم سمّي بها ، وقيل : أراد بها السلام وقيل : « التَّحِيَّاتُ » المال ، وقيل : البقاء
__________________
(١) يذكر مثل الحديث في « شعب » أيضا ـ ز.
(٢) يذكر في « جلب » حديثا في الحياء ، وكذا في « رقق » و « قرن » ، وفي « خرم » موضع الحياء من الإنسان ـ ز.
(٣) هذا مضمون حديث ورد في التهذيب ٢ / ٣١٦.