وعن بعض المفسرين : إنما دخلت « من » في القدام والخلف و « عن » في الشمال واليمين لأن في القدام والخلف معنى طلب النهاية وفي اليمين والشمال الانحراف عن الجهة.
قوله : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) أي يعطون ما أعطوا.
وقرئ يُؤْتُونَ ما أَتَوْا بغير مدّ ، أي يفعلون ما فعلوا ( وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) أي يعملون العمل وهم يخافونه ويخافون لقاء الله.
وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ الصَّادِقِ (ع) : « مَا الَّذِي أَتَوْا بِهِ أَتَوْا وَاللهِ بِالطَّاعَةِ مَعَ الْمَحَبَّةِ وَالْوَلَايَةِ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ خَائِفُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ ، وَلَيْسَ ـ وَاللهِ ـ خَوْفُهُمْ خَوْفَ شَكٍّ فِيمَا هُمْ فِيهِ مِنْ إِصَابَةِ الدِّينِ وَلَكِنَّهُمْ خَافُوا أَنْ يَكُونُوا مُقَصِّرِينَ فِي الْمَحَبَّةِ وَالطَّاعَةِ » (١).
والْمَأْتِيُ : الآتِي (٢) ومنه قوله تعالى : ( كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا ).
وفِي حَدِيثِ الْمُكَاتَبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ ) قَالَ : « تَضَعَ عَنْهُ مِنْ نُجُومِهِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ تُرِيدُ أَنْ تَنْقُصَهُ مِنْهَا .. » الحديث (٣).
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : « يَضَعُ عَنْهُ مِمَّا يَرَى أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَيْهِ ».
وفي كلام بعض المحقّقين : يجب على المولى إعانته من مال الزكاة لقوله تعالى : ( وَآتُوهُمْ ) الآية ، لأن مال الله هو الزكاة على ما هو المعروف ضد الإطلاق ،
__________________
(١) البرهان ٣ / ١١٤.
(٢) جاء الفاعل في القرآن بمعنى المفعول في موضعين : الأول قوله تعالى : ( لا عاصم اليوم من أمر الله ) أي لا معصوم ، الثاني قوله تعالى : ( ماء دافق ) بمعنى مدفوق. وجاء المفعول بمعنى الفاعل في ثلاث مواضع : الأول قوله تعالى : ( حجابا مستورا ) أي ساترا ، الثاني قوله تعالى : ( كان وعده مأتيّا ) أي آتيا ، الثالث قوله تعالى : ( جزاء موفورا ) أي وافرا ـ ه.
(٣) المراد من النجوم الأقساط التي يضمن السيد أن يأخذها من المكاتب. والحديث صحيح. الوسائل الباب التاسع من أبواب المكاتبة ـ ن.