على الجسم والعرض والقديم ، تقول : « شَيْءٌ لا كَالْأَشْيَاءِ » أي معلوم لا كسائر المعلومات ، وعلى المعدوم والمحال. قال : إن قلت : كيف قيل : ( عَلى كُلِ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) وفي الأشياء ما لا تعلق به لقادر كالمستحيل وفعل قادر آخر؟ قلت : مشروط في حد القادر أن لا يكون الفعل مستحيلا ، فالمستحيل مستثنى في نفسه عند ذكر القادر على الأشياء كلها ، فكأنه قال : على كل شيء مستقيم قدير.
قوله تعالى : ( وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) [ ١٠ / ٩٩ ] رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ (ع) أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللهِ (ص) : لَوْ أَكْرَهْتَ يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنَ النَّاسِ كَثُرَ عَدَدُنَا وَقَوِينَا عَلَى عَدُوِّنَا! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (ص) : « مَا كُنْتُ لِأَلْقَى اللهَ بِبِدْعَةٍ لَمْ يُحْدِثْ لِي فِيهَا » فَأَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِ : يَا مُحَمَّدُ ( وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً ) عَلَى سَبِيلِ الْإِلْجَاءِ وَالِاضْطِرَارِ فِي الدُّنْيَا كَمَا يُؤْمِنُونَ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ وَرُؤْيَةِ الْبَأْسِ فِي الْآخِرَةِ ، وَلَوْ فَعَلْتُ ذَلِكَ لَمْ يَسْتَحِقُّوا مِنِّي ثَوَاباً وَلَا مَدْحاً ، لَكِنِّي أُرِيدُ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْمِنُوا مُخْتَارِينَ غَيْرَ مُضْطَرِّينَ لِيَسْتَحِقُّوا مِنِّي الزُّلْفَى وَالْكَرَامَةَ وَدَوَامَ الْخُلُودِ فِي جَنَّةِ الْخُلْدِ (١).
قوله تعالى : ( وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً ) [ ٥ / ٤٨ ] قال المفسر : أي لو شَاءَ لجعلكم على ملة واحدة ولكن جعلكم على شرائع مختلفة ليمتحنكم فيما آتاكم ، أي فيما فرض عليكم وشرع لكم. وقيل : فيما أعطاكم من النبيين والكتاب.
قوله تعالى : ( لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) [ ٥ / ١٠١ ] رُوِيَ فِي مَعْنَاهُ : أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَسُولِ اللهِ (ص) : يَا رَسُولَ اللهِ أَفِي كُلِّ عَامٍ كُتِبَ الْحَجُّ عَلَيْنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى أَعَادَ الْمَسْأَلَةَ ثَلَاثاً ، فَقَالَ : « ويْحَكَ وَمَا يُؤْمِنُكَ أَنْ أَقُولَ
__________________
(١) البرهان ج ٢ ص ٢٠٤.