« الصَّلَا » وهو من العظم الذي عليه الأليان ، لأن الْمُصَلِّي يحرك صَلْوَيْهِ في الركوع والسجود. وعن ابن فارس هي من « صليت العود بالنار » إذا لينته ، لأن الْمُصَلِّي يلين بالخشوع.
قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ ) [ ٣٣ / ٥٦ ] قرئ برفع مَلَائِكَتُهُ ، فقال الكوفيون بعطفها على أصل إن واسمها ، وقال البصريون مرفوعة بالابتداء كقول الشاعر (١) :
نحن بما عندنا وأنت بما |
|
عندك راض والأمر مختلف |
قال بعض الأفاضل : « الصَّلَاةُ » وإن كانت بمعنى الرحمة لكن المراد بها هنا الاعتناء بإظهار شرفه ورفع شأنه ، ومن هنا قال بعضهم : تشريف لله محمدا (ص) بقوله : ( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ ) أبلغ من تشريف آدم بالسجود.
وَفِي الدُّعَاءِ : « اللهُمَ صَلِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ » (٢). قيل : ليس التشبيه من باب إلحاق الناقص بالكامل ، بل لبيان حال من يعرف بمن لا يعرف ، وقيل : هو في أصل الصَّلَاةِ لا في قدرها. وقيل : معناه اجعل لمحمد صَلَاةً بمقدار الصَّلَاةِ لإبراهيم وآله ، وفي آل إبراهيم خلائق لا يحصون من الأنبياء وليس في آله نبي ، فطلب إلحاق جملة فيها نبي ، واحد بما فيه أنبياء.
واختلف في وجوب الصَّلَاةِ على محمد (ص) في الصَّلَاةِ : فذهب أكثر الإمامية وأحمد والشافعي إلى وجوبها فيها ، وخالف أبو حنيفة ومالك في ذلك ولم يجعلاها شرطا في الصلاة ، وكذلك اختلف في إيجابها عليه في غير الصَّلَاةِ : فذهب الكرخي إلى وجوبها في العمر مرة ، والصحاوي
__________________
(١) البيت لعمرو بن امرىء القيس الأنصاري أو لقيس بن الخطيم بن عدي الأوسي الأنصاري.
(٢) البرهان ج ٣ ص ٣٣٥.