الآية [ ٦٦ / ٥ ] عَسَى من أفعال المقاربة والطمع. قيل : وهي من الله إيجاب إلا هذه الآية. يقال : عَسَيْتُ أن أفعل ذاك وعَسِيتُ بالكسر ، وبهما قرئ قوله تعالى ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ ) الآية [ ٢٢ / ٤٧ ]. قال الهشامي (١) : « عَسَى » فعل مطلقا لا حرف مطلقا خلافا لابن سراج وتغلب ولا حين تتصل بالضمير المنصوب نحو « عَسَاكَ » خلافا لسيبويه ، ومعناه الترجي في المحبوب والإشفاق في المكروه ، وقد اجتمعا في قوله تعالى : ( وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ) [ ٢ / ٢١٦ ] ثم قال : وتستعمل على أوجه ( أحدها ) أن يقال : « عَسَى زيد أن يقوم » واختلف في إعرابه على أقوال : أحدها وهو قول الجمهور أنه مثل « كاد زيد يقوم » واستشكل بأن الخبر في تأويل المصدر والمخبر عنه ذات ولا يكون الحدث عين الذات. ثم أجاب بأمور : منها أنه على تقدير مضاف نحو « عَسَى أمر زيد القيام » ـ إلى أن قال : ( الاستعمال الثاني ) أن تستند إلى « أن » والفعل فتكون فعلا تاما ، وعن ابن مالك أنها ناقصة أبدا ولكن سدت « أن » وصلتها مسد الجزءين كما في ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا ) [ ٢٩ / ٢ ] إذ لم يقل أحد أن حسب خرجت في ذلك عن أصلها.
( الاستعمال الثالث والرابع والخامس ) أن يأتي بعدها المضارع المجرد أو المقرون بالسين أو الاسم المفرد نحو « عَسَى زيد يقوم » و « عَسَى زيد سيقوم » و « عَسَى زيد قائما » ... وعسى فيهن فعل ناقص بلا إشكال.
( الاستعمال السادس ) أن يقال : عَسَاكَ وعَسَايَ وعَسَاهُ ، وفيه ثلاثة مذاهب :
( أحدها ) أنها أجريت مجرى لعل في نصب الاسم ورفع الخبر ـ قاله سيبويه.
( الثاني ) أنها باقية على عملها عمل كان ولكن أستعير ضمير النصب مكان
__________________
(١) يريد ابن هشام. انظر تفصيل البحث في مغني اللبيب ( عسى ).