فِي أُمْنِيَّتِهِ ) [ ٢٢ / ٥٢ ] أي إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته ما يوهم أنه من جملة الوحي فيرفع الله ما ألقاه بمحكم كتابه ، وقيل : إنما ألقى ذلك بعض الكفار فأضيف إلى الشيطان ، وإنما سميت التلاوة أمنية لأن القارئ إذا قرأ فانتهى إلى آية رحمة تَمَنَّى أن يرحمه وإذا انتهى إلى آية عذاب تَمَنَّى أن يوقاه ودعا الله بذلك.
وَفِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (١) : الْعَامَّةُ رَوَوْا أَنَّ رَسُولَ اللهِ (ص) كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَقَرَأَ سُورَةَ النَّجْمِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقُرَيْشٌ يَسْتَمِعُونَ لِقِرَاءَتِهِ ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ : ( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى ) أَجْرَى إِبْلِيسُ عَلَى لِسَانِهِ « فَإِنَّهَا الْغَرَانِيقُ الْعُلَى. وَشَفَاعَتُهُنَّ لَتُرْتَجَى » فَفَرِحَتْ قُرَيْشٌ وَسَجَدُوا وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْقَوْمِ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ ـ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ـ فَأَخَذَ كَفّاً مِنْ حَصَى فَسَجَدَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَاعِدٌ ، وَقَالَتْ قُرَيْشٌ : قَدْ أَقَرَّ مُحَمَّدٌ بِشَفَاعَةِ اللَّاتِ وَالْعُزَّى. قَالَ : فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ لَهُ : قَرَأْتَ مَا لَمْ أَنْزِلْ بِهِ عَلَيْكَ (٢) .. قَالَ : وَأَمَّا الْخَاصَّةُ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) : إِنَّ رَسُولَ اللهِ أَصَابَهُ خَصَاصَةٌ فَجَاءَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ : هَلْ عِنْدَكَ مِنْ طَعَامٍ؟ فَقَالَ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ ، وَذَبَحَ لَهُ عَنَاقاً وَشَوَاهُ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ تَمَنَّى رَسُولُ اللهِ (ص) أَنْ يَكُونَ مَعَهُ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ (ع) فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ بَعْدَهُمَا ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِي ذَلِكَ : ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ
__________________
(١) انظر التّفسير ص ٤٤١.
(٢) ذكر السّيوطيّ أحاديث كثيرة بهذا المضمون في كتابه الدّرّ المنثور ج ٤ ص ٣٦٦ ـ ٣٦٨.