قلبت الواو تاء وكذلك تُقَاةً والأصل وُقَاةً ، قال تعالى : ( إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً ) [ ٣ / ٢٨ ] أي اتَّقَاءَ مخافة القتل ، وجمع التُّقَاةِ « تُقًى » كطلى للأعناق ، وقرئ تُقاةً.
والتَّقِيَّةُ والتُّقَاةُ اسمان موضوعان موضع الِاتِّقَاءِ.
وقولهم : « اتَّقَاهُ بحقه » أي استقبله به فكأنه جعل دفعه حقه إليه وِقَايَةً من المطالبة.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « كَانَ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ » أَيْ اشْتَدَّ الْحَرْبُ « اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ (ص) ». أي جعلناه وِقَايَةً لنا من العدو.
و « رجل تَقِيٌ » أصله وَقِيٌّ فأبدلت الواو تاء.
واتَّقَى أصله اوتقى فقلبت وأدغمت.
وَفِي الْحَدِيثِ : « مَنِ اتَّقَى عَلَى ثَوْبِهِ فِي صَلَاتِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ اكْتَسَى ». أي خاف عليه ومنعه من أن يبذله للصلاة.
و « التَّقِيُ » اسْمٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوَادِ (ع) لِأَنَّهُ اتَّقَى اللهَ فَوَقَاهُ شَرَّ الْمَأْمُونِ لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ وَهُوَ سَكْرَانٌ فَضَرَبَهُ بِسَيْفِهِ حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَوَقَاهُ اللهُ شَرَّهُ (١).
والتَّوَقِّي : التجنب ، ومنه « يَتَوَقَّوْنَ شُطُوطَ الْأَنْهَارِ ».
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « تَوَقَّوُا الْبَرْدَ فِي أَوَّلِهِ وَتَلَقَّوْهُ فِي آخِرِهِ (٢) ». قال بعض شراح الحديث : أما تَوْقِيَتُهُ في أوله فلأن البرد الخريفي يرد على أبدان قد استعدت لفعله بحرارة الصيف ويلبسه وما يستلزمانه من التحلل ، فلذلك يكون قهره للفاعل الطبيعي وضعف الحار الغريزي وحدوث ما يحدث من اجتماع البرد واليبس اللذين هما طبيعة الموت من ضمور الأبدان وضعفها ، وأما تلقيه في آخره ـ وهو آخر الشتاء وأول الربيع ـ فلاشتراك الزمانين في الرطوبة التي هي مادة الحياة
__________________
(١) انظر تفصيل القصة في المناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٤٢٨.
(٢) نهج البلاغة ٣ / ١٨٠.