تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ ) ثُمَّ يَبْتَدِءُونَ بِقَوْلِهِ : ( بِيَدَيَ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ ). قال : وهذا مثل قول القائل : بسيفي تقاتلني وبرمحي تطاعنني ، كأنه تعالى يقول : بنعمتي تقويت على الاستكبار والعصيان.
قوله تعالى : ( عَنْ يَدٍ ) [ ٩ / ٢٩ ] أعني مقدرة منكم عليهم وسلطان ، من قولهم : « يَدُكَ علي مبسوطة » أي قدرتك وسلطانك ، وقيل ( عَنْ يَدٍ ) عن قهر وذلة ، وقيل إنعام عليهم بذلك لأن أخذ الجزية منهم أنفسهم عليهم نعمة عليهم.
قَوْلُهُ تَعَالَى : ( كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ) [ ٤ / ٧٧ ] أَيْ أَلْسِنَتَكُمْ ـ كَذَا عَنِ الصَّادِقِ عليه السلام (١).
قوله تعالى : ( وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ ) [ ٥ / ٦٤ ] أي ممسكة عن الاتساع علينا ، كما قال : ( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ ) [ ١٧ / ٢٩ ] أي لا تمسكها عن الإنفاق ، وقوله : ( غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ) أي غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ في جهنم ، أي شدت إلى أعقابهم ، وقوله : ( بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ ) رد عليهم ، أي ليس الأمر على ما وصفوه بل هو جواد ، وليس لذكر الْيَدِ هنا معنى غير إفادة معنى الجود ، وإنما قال : يَداهُ على التثنية مبالغة في معنى الجود والإنعام ، لأن ذلك أبلغ فيه من أن يقول : « بل يَدُهُ مبسوطة ». قال المفسر : ويمكن أن يراد ب « الْيَدِ » النعمة ، وتثنية النعمة لأنه أراد نعم الدنيا ونعم الآخرة.
قوله تعالى : ( لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَ وَأَرْجُلِهِنَ ) [ ٦٠ / ١٢ ] أي ولدا تحمله من غير زوجها ، وكنى بما بين يديها ورجليها عن الولد لأن فرجها بين الرجلين وبطنها الذي تحمله فيه بين اليدين.
قوله تعالى : ( فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ ) [ ١٤ / ٩ ] قيل أي عَضُّوا
__________________
(١) البرهان ج ١ ص ٣٩٤.