وَأَرْخَيْنَا سُتُورَنَا وَاسْتَغْشَيْنَا ثِيَابَنَا وَثَنَيْنَا صُدُورَنَا عَلَى عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ كَيْفَ يَعْلَمُ بِنَا ، فَأَنْبَأَهُ اللهُ عَمَّا كَتَمُوهُ ، فَقَالَ تَعَالَى : ( أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ ).
قوله : ( مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ) يعني اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا. قيل : وليست الواو هنا على حالها وإلا لزم الجمع بين تسع نسوة ، وأجيب : بأن الجمع في الحكم لا يستلزم الجمع في الزمان فلا محذور. قوله : ( مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ ) الآية ، قَالَ (ص) : ( مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ ) عَنَى الْأَهْلِيَّ وَالْجَبَلِيِ ( وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ) عَنَى الْأَهْلِيَّ وَالْجَبَلِيِ ( وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ) عَنَى الْأَهْلِيَّ وَالْوَحْشِيَ ( وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ ) عَنَى الْبَخَاتِيِّ وَالْعِرَابَ (١).
قوله : ( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) يعني سورة الحمد ، إذ هي سبع آيات اتفاقا ، وليس في القرآن ما هو كذلك ، غير أن بعضهم عد البسملة ، دون ( صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) وبعضهم عكس. قِيلَ : وَالْمُرَادُ بِالتَّسْمِيَةِ مُطْلَقُ التَّكْرِيرِ لِأَنَّهَا تَتَكَرَّرُ كُلَّ يَوْمٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ فَصَاعِداً ، وَقِيلَ : لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلِّ صَلَاةٍ. وفي أنها مكية أو مدنية خلاف ، والأول مروي عن ابن عباس.
وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « أَنَّهُ قَالَ : ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) آيَةٌ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، وَهِيَ سَبْعُ آيَاتٍ تَمَامُهَا ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (ص) يَقُولُ : إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِي : يَا مُحَمَّدُ ( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) وَإِنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ أَشْرَفُ مَا فِي كُنُوزِ الْعَرْشِ ، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَصَّ مُحَمَّداً وَشَرَّفَهُ بِهَا ، وَلَمْ يُشْرِكْ مَعَهُ فِيهَا أَحَداً مِنْ أَنْبِيَائِهِ ، خَلَا سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ فَإِنَّهُ أَعْطَاهُ مِنْهَا ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، أَلَا فَمَنْ قَرَأَهَا مُعْتَقِداً لِمُوَالاةِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ ، مُنْقَاداً لِأَمْرِهَا ، مُؤْمِناً بِظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا ، أَعْطَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا حَسَنَةً ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَفْضَلُ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا بِمَا
__________________
(١) تفسير عليّ بن إبراهيم ١ / ٢١٩.