لم يحاولوا الثورة أو القيام ضدّهم ، والشيعة أيضاً عندما يشاهدون دنو إمامهم من الخلافة التي طالما كانوا يعتبرونها رجساً ، والقائمين بأمور الخلافة فاسقين ، عندئذ سيفقدون ذلك التقدير والاحترام المعنوي لأئمّتهم الذين هم من أهل البيت ، وسرعان ما يسقط حزبهم الديني ، ولا يواجه الخلفاء خطراً من هذه الجهة.
ومن البديهي بعد أنْ يحصل المأمون على ما كان يهدف إليه ، فإنّ قتل الإمام لم يكن بالأمر الصعب ، ولغرض تحقّق هذه المؤامرة أحضر الإمام من المدينة إلى مرو ، واقترح عليه الخلافة أولاً ، ثمّ ولاية العهد ثانياً ، فاعتذر الإمام ، ولكنّه استخدم شتّى الوسائل لإقناع الإمام ، وافق الإمام بشرط ألا يتدخل في شؤون الدولة ، وكذا في عزل أو نصب أحد من المسؤولين. هذا ما حدث سنة ٢٠٠ للهجرة ، ولم تمض فترة ، حتّى شاهد المأمون التقدّم السريع للشيعة ، وتزايد ارتباطهم وعلاقتهم بالنسبة للإمام ، وحتّى العامّة من الناس ، والجيش ومسؤولي شؤون الدولة ، عندئذ التفت المأمون إلى خطورة خطئه ، وحاول أنْ يقف أمام هذا التيّار ، فقتل الإمام بعد أنْ دسّ إليه السمّ.
دفن الإمام الثامن بعد استشهاده في مدينة ( طوس ) في إيران ، وتعرف اليوم بمدينة مشهد. كان المأمون يبدي عنايته ورعايته لترجمة العلوم العقلية إلى اللغة العربية ، وكان يقيم المجالس العلمية ، التي يحضرها علماء الأديان والمذاهب ، وتجري فيها المناظرات العلمية ، والمأمون أيضاً كان يشارك في هذه المجالس ، ويشترك في مناظرات علماء الأديان والمذاهب ، وقد دونت العديد منها في كتب أحاديث الشيعة.
الإمام محمّد بن عليّ عليهالسلام ( التقي ، ويلقب بالإمام الجواد أو ابن الرضا أحيانا ) ابن الإمام الثامن ، ولد في المدينة سنة ١٩٥ هـ واستشهد ( سنة ٢٢٠ )