حكومة بني أميّة ظاهراً ، هذا ما كان يشغل الحكومة آنذاك ، فكانت نتيجتها أنْ يخفف من التعرّض لأهل البيت ، هذا من جهة. ومن جهة أخرى ، ما حدث في واقعة كربلاء ، وما أحدثت من مظلوميّة أهل البيت عليهمالسلام ، متمثلة في الإمام الرابع ، جعلت المسلمين يتجّهون إلى أهل البيت ، ويُبدون حبّهم لهم ، وإخلاصهم إليهم.
فإنّ هذه العوامل مجتمعة ، ساعدت على أنْ ينصرف ذهن العامّة إلى أهل البيت ، فصاروا يتّجهون إلى المدينة حيث الإمام الخامس ، وكانت العوامل مساعدة في انتشار الحقائق الإسلامية ، علوم أهل البيت ، على يد الإمام الباقر عليهالسلام ، إذ لم يتحقق لاحد من أجداده ، ولذا نرى كثرة الأحاديث التي نقلت ، وكذا رجال الشيعة الذين تخصّصوا في شتّى العلوم الإسلامية على يد إمامهم ، ولا تزال أسماؤهم في كتب الرجال مدرجة.
الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام ابن الإمام الخامس ، ولد سنة ٨٣ للهجرة ، واستشهد بعد أنْ دُسّ إليه السمّ ، سنة ١٤٨ للهجرة ، وذلك بتحريض من المنصور ، الخليفة العباسي ، وفي عهد الإمام السادس ، وعلى إثر الانتفاضات التي حدثت في الدول الإسلامية ، وخاصّة قيام مسودة ضدّ دولة بني أميّة ، للإطاحة بها ، والحروب المدمّرة التي أدّت إلى سقوط الدولة الأموية وانقراضها ، وعلى إثر كلّ هذا ، كانت الظروف مواتية ومساعدة لنشر حقائق الإسلام وعلوم أهل البيت ، التي طالما ساهم في نشرها الإمام الخامس طوال عشرين سنة من زمن إمامته ، وقد تابع الإمام السادس عمله في ظروف أكثر ملاءمة وتفهماً.
فاستطاع الإمام السادس حتّى أواخر زمن إمامته ، والتي كانت معاصرة لآخر زمن خلافة بني أميّة ، وأوائل خلافة بني العبّاس ، استطاع أنْ ينتهز هذه الفرصة ، لبث التعاليم الدينية ، وتربية العديد من الشخصيّات العلميّة الفذّة في