الليل ، فضرب الباب حتّى استيقظت ، فقال : أراك نائماً ، فوالله ما اكتحلت هذه الثلاث بكبير نوم ، انطلق فادعوا الزبير وسعداً ، فدعوتهما له ، فشاورهما ، ثمّ دعاني فقال : ادع لي عليّاً ، فدعوته ، فناجاه حتّى إبهار الليل ، ثمّ قام عليّ من عنده وهو على طمع ، وقد كان عبد الرحمن يخشى من عليّ شيئاً ، ثمّ قال : ادع لي عثمان ، فدعوته ، فناجاه حتّى فرّق بينهما المؤذّن بالصبح ، فلمّا صلّى للناس الصبح ، واجتمع أولئك الرهط عند المنبر ، فأرسل إلى من كان حاضراً من المهاجرين والأنصار ، وأرسل إلى أمراء الأجناد ، وكانوا وافوا تلك الحجّة مع عمر ، فلمّا اجتمعوا ، تشهد عبد الرحمن ثمّ قال : أمّا بعد يا عليّ ، إنّي قد نظرت في أمر الناس ، فلم أرهم يعدلون بعثمان ، فلا تجعلنّ على نفسك سبيلاً.
فقال : أبايعك على سنّة الله ورسوله والخليفتين من بعده ، فبايعه عبد الرحمن (١) ( أي عثمان ).
والمصيبة العظمى ، أنّ المسلمين يعتبرون من خالف أبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية مجرماً خارج عن السنّة والجماعة ، ومن طبّق أمر الله ورسوله يعتبرونه مجرماً مارقاً زنديقاً ، لقد انقلبت المفاهيم وخرج الناس عن الصواب ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم ، ولا أجد في هذه الأيّام من يطبّق أمر الله وأمر رسوله ويلجأ إلى أمير المؤمنين والأئمّة من بعده سوى أصحاب المذهب الحقّ ، الفرقة الناجية ، أتباع أهل البيت عليهم الصلاة والسلام ، رزقنا الله زيارة أئمّتنا في الدنيا ، وشفاعتهم في الآخرة ، حتّى نقدم على الله يوم القيامة مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة من أهل بيته راضين مرضيين.
قال السيوطي : أخرج ابن عدي ، عن ابن عبّاس قال : لمّا نزلت ( إِنَّ الَّذِينَ
__________________
(١) صحيح البخاري ٨ : ١٢٣.