أنْ أفعل وأعمل بمبلغ علمي وطاقتي ، ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعليّ ، قال : نعم ، فبايعه فقال عليّ : حبوته حبو دهر ، ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا ، فصبر جميل ، والله المستعان على ما تصفون ، والله ما ولّيت عثمان إلا ليردّ الأمر إليك ... » (١).
روى ابن كثير : صعد عبد الرحمن بن عوف منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فوقف وقوفاً طويلاً ، ودعا دعاءً طويلاً لم يسمعه الناس ، ثمّ تكلّم فقال : أيّها الناس ، إنّي سألتكم سرّاً وجهراً بأمانيّكم ، فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين ، إمّا عليّ وإمّا عثمان ، فقم إليّ يا عليّ ، فقام إليه ، فوقف تحت المنبر ، فأخذ عبد الرحمن بيده ، فقال : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم ، وفعل أبي بكر وعمر؟
قال : اللهمّ لا ، ولكن على جهدي من ذلك وطاقتي ، قال : فأرسل يده ، وقال : قم إليّ يا عثمان ، فأخذ بيده فقال : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم ، وفعل أبي بكر وعمر؟ قال : اللهمّ نعم! (٢).
روى البخاري في صحيحه ، عن الزُهريّ : أنّ حميد بن عبد الرحمن أخبره : أنّ المسور بن مخرمة أخبره : أنّ الرهط الذين ولاهم عمر اجتمعوا فتشاوروا ، فقال لهم عبد الرحمن : لست بالذي أنافسكم على هذا الأمر ، ولكنّكم إنْ شئتم اخترت لكم منكم ، فجعلوا ذلك إلى عبد الرحمن ، فلمّا ولوا عبد الرحمن أمرهم ، فمال الناس على عبد الرحمن ، حتّى ما أرى أحداً من الناس يتّبع أولئك الرهط ولا يطأ عقبه ، ومال الناس على عبد الرحمن يشاورونه تلك الليالي ، حتّى إذا كانت الليلة التي أصبحنا منها فبايعنا عثمان ، قال المسوّر : طرقني عبد الرحمن بعد هجع من
__________________
(١) تاريخ الطبري ٣ : ٢٩٧ ، ٣٠١ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٧١.
(٢) البداية والنهاية ٧ : ١٦٥ ، تاريخ الطبري ٣ : ٣٠١ ، تاريخ الإسلام ( حوادث ١١ ـ ٤٠ هـ ) : ص٣٠٥.