لقد كان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام يحاول دائما أنْ يعيدهم إلى سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنْ يتّخذوا من قوله وفعله وتقريره قدوة وحجّة ; لأنّ الله سبحانه وتعالى يقول في سورة الحشر : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (١).
ويقول أنس بن مالك إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لعليّ : « أنت تبيّن لأمّتي ما اختلفوا فيه من بعدي » (٢).
ومع كلّ هذه الدلائل ، كانوا يواجهونه بالرفض والنكران ; لأنّهم يريدون متابعة من اتّخذوهم أرباباً من دون الله ، فكلّ المسلمين يعرفون كيف كان موقف أمير المؤمنين عليهالسلام عندما جاءه عبد الرحمن بن عوف منتدباً من عمر بن الخطّاب ليفرض عليه سنة أبي بكر وعمر ، فلم يقبل وقال : لا إلا على كتاب الله وسنّة نبيّه ، لكنّ عثمان بن عفّان قبل بالبيعة على ذلك ، وقبل المسلمون ذلك ورضوا به.
اتّفق مؤرخو الإسلام قاطبة على أنّ أمير المؤمنين عليّاً عليهالسلام رفض قبول البيعة بعد مقتل عمر ، حينما طلب منه عبد الرحمن بن عوف أنْ يبايع على كتاب الله وسنة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيرة الشيخين ، فأصرّ أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام على حذف الشق الثالث ، وأبي إلا أنْ يبايع على كتاب الله وسنّة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ; لأنّه يرى أنّ سيرة الشيخين لا تمثّل مصدراً من مصادر التشريع الإسلامي المقدّس.
جاء في تاريخ الطبري وغيره : « فقال عبد الرحمن : إنّي قد نظرتُ وشاورت ، فلا تجعلنّ أيّها الرهط على أنفسكم سبيلاً ، ودعا عليّاً فقال : عليك عهد الله وميثاقه لتعملنّ بكتاب الله وسنّة رسوله ، وسيرة الخليفتين من بعده ، قال : أرجو
__________________
(١) الحشر : ٧.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٢٢.