حقيقة الصحابة
يعتبر موضوع الصحابة من أكثر المواضيع أهميّة ، لتحديد وجهة نظر المسلم ، وخطّ سيره في الحياة ، إمّا على خطّ الهداية والصراط المستقيم ، وإمّا إلى الضلال والهلاك والزيغ ، ذلك لأنّ أغلب المسلمين يأخذون دينهم وعقيدتهم وأحكامهم الشرعيّة بحسب ما نقل عن أولئك الصحابة.
هذا هو الاعتقاد السائد والمألوف عند اغلب الفرق الإسلاميّة ، بأنّ الدين إنّما نقل عن الصحابة ، وبالتالي فإنّهم كلّهم عدول ; لأنّهم حلقة الوصل بين الناس وبين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إلاّ ما كان من أتباع المذهب الحقّ ، مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، والذين لم يقلّدوا أحداً في أخذ دينهم ، إلاّ من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن الأئمّة المعصومين سلام الله عليهم ; ولذلك فقد حدّد الشيعة مسارهم ، واختاروا طريقهم ، وهو اتّباع الصراط المستقيم ، وركوب سفينة النجاة ، وقرنوا الكتاب بالعترة الطاهرة من آل البيت عليهمالسلام ، واتبعوا أمر الله الذي من اتّبعه ، فإنّه لن يضلّ أبداً.
أخرج الترمذي وغيره ، عن زيد بن أرقم ، قال ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « إنّي تارك فيكم ما إنْ تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، والآخر عترتي أهل بيتي ، ولن يفترّقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فاُنظروا كيف تخلفوني فيهما » (١).
وهذا الاعتقاد بأنّ الصحابة كلّهم عدول ، جعل العلماء من أغلب الفرق الإسلاميّة يضعون هالة من القدسيّة والعدالة على جميع الصحابة ، وأعطوهم من
__________________
(١) سنن الترمذي ٥ : ٣٢٩ ، وقد تقدم تخريج الحديث فيما سبق.