المقارنة بين الأمم وإعادة دراسة التاريخ
تعتبر دراسة التاريخ لأيّ أمّة من الأمم ، مصدر إلهام وتأثير قويّ في سلوك وحياة الأجيال ، والتي هي دائمة التطلّع إلى عزّة وأمجاد أسلافها.
ولذلك ، فإنّ الأمم تستلهم من تاريخها كلّ أنواع العزّة والفخار ، محاولة في ذلك إثبات وجودها ، وحتّى تستخلص العبر والمواعظ من أجل مواجهة ما قد يصادفها من محن أو إحن أثناء سيرها في هذه الحياة ، وأيضاً حتّى تستفيد من خبرات السابقين.
والأمّة الإسلاميّة هي كغيرها من الأمم ، لها تاريخ عريق ، ووجود ظاهر لا ينكر ، وأمجاد ومفاخر تردّدها الأجيال ، وأسلاف تباهي بانجازاتهم الأمم.
ولكنّ المختلف في تاريخنا الإسلامي ، وتاريخ المسلمين هو أنّنا محكومين بضوابط وقوانين وأحكام فرضها علينا ربّ العالمين ، تحتّم علينا في كلّ عصر وجيل أنْ نعيد النظر في تاريخنا وإعادة دراسته من جديد.
فنحن لسنا كأيّ أمّة من الأمم تأخذ تاريخها بايجابيّاته وسلبيّاته وتحمله بكلّ ما فيه وتتّخذه مصدراً أساسيّاً لسلوكها ، وتقلّده تقليداً أعمى دون بحث أو تدبّر ، بل لابدّ وأنْ يعرض تاريخنا على الضوابط والقوانين والأحكام ، ولابدّ أنْ توضع الموازين بالقسط حتّى يتبيّن الغث من السمين ، فما وافق أوامر الله ورسوله يُتّخذ قدوة للتطبيق وقاعدة للسلوك ، وما خالف الحقّ يجب أنْ ينتقد بكلّ نزاهة