وصدق ولا يُتّخذ قاعدة للسلوك ، بل يكون موعظة لاستخلاص العبر.
وذلك لأنّ الشارع المقدّس قد ذمّ التقليد في الجوانب السلبيّة من التاريخ ، وذمّ التقليد في الأمور التي يجب إعمال العقل فيها ، وعلى ذلك ، فإنّه يجب على المسلمين الخوف من الله سبحانه وتعالى ، والخوف من عقابه الشديد الذي توعد به أولئك المقلّدين الذين يقلّدون كلّ ما وجدوه عند أسلافهم تقليداً أعمى من غير إدراك منهم لما يرضى الله سبحانه أو يوجب عقابه وسخطه.
قال تعالى في سورة البقرة : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ) (١).
قال تعالى في سورة الزخرف : (أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّة وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَة مِّن نَّذِير إلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّة وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ) (٢).
قال تعالى في سورة الأحزاب : (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ) (٣).
لأجل ذلك كان لابدّ من إعادة دراسة التاريخ ، وكتابته من جديد ، بل ولابدّ أيضاً من مقارنته مع تاريخ الأمم الأخرى ، وخصوصاً مقارنته مع تاريخ اليهود والنصارى ، لأنّ الشارع المقدّس قد ذمّ أيضاً ـ على لسان رسولنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم في العديد من الأحاديث الصحيحة ـ ذمّ تقليد الأمم الأخرى واتّباعهم « طبعاً في الجانب المذموم من الله سبحانه وتعالى ».
__________________
(١) البقرة : ١٧٠.
(٢) الزخرف : ٢١ ـ ٢٣.
(٣) الأحزاب : ٦٦ ـ ٦٧.