عنه ، فقد تشبّه بالروافض ، خصوصاً إذا كان بألفاظ مخلّة بالتعظيم لأجل تحزين السامعين ، وفي كراهية القهستاني : لو أراد ذكر مقتل الحسين ، ينبغي أنْ يذكر أولاً مقتل سائر الصحابة لئلا يشابه الروافض (١).
وقال ابن حجر في فتح الباري : تنبيه : اختلف في السلام على غير الأنبياء بعد الاتفاق على مشروعيته في تحيّة الحي ، فقيل : يشرع مطلقاً. وقيل : بل تبعاً ولا يفرد لواحد ; لكونه صار شعاراً للرافضة (٢).
وعندما كثر الاختلاف وبدأت سلبياته تظهر في المجتمعات الإسلامية وواقع الحياة العملي ، وظهر التعصّب والفرقة والتناقض ، تمسّك المسلمون بحديث نسبوه لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول « اختلاف أمّتي رحمة » (٣) ، ولا أدري كيف تأتي الرحمة من الاختلاف ، فلو أنّ أهل بيت معيّن ، أي أسرة معينة مكوّنة من خمسة أشخاص ، كان الأب فيها مختلف ومتناقض مع الأمّ ، والأمّ كذلك مع أفراد أسرتها ، وأفراد الأسرة كلّ واحد له دينه ومنهجه وسلوكه ، فهل في هذا الاختلاف رحمة ، أعتقد أنّ تلك الأسرة ستعيش حياة المعاناة والشقاء والتفرّق والتمزّق ، فكيف بالأسرة الإسلامية الكبيرة والمجمتع الإسلامي الكبير ، وأظنّ ما نراه اليوم من تشرذم وتمزّق وضلال ، سببه كلّ تلك التناقضات والخلافات.
على أنّه لو صحّ الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّ الاختلاف في الحديث ليس معناه الفرقة والخلاف ; لأنّه لا يمكن للعقل أنْ يقبل هذا المعنى ، لأنّه يستحيل أنْ يكون في تلك الصورة أيّ نوع من أنواع الرحمة بل العذاب والشقاء.
وإنّما المقصود من المعنى الذي هو الرحمة والهداية ، هو كثرة التردّد على
__________________
(١) اُنظر الغدير للأميني ١٠ : ٢١١.
(٢) فتح الباري ١١ : ١٤٦.
(٣) الجامع الصغير ١ : ٤٨.