في وسطها كالنكتة السوداء ، قلت يا جبريل : ما هذا؟ قال : هذا يوم الجمعة يعرض عليك ربّك ليكون لك عيداً ولأمّتك من بعدك. قلت يا جبريل : فما هذه النكتة السوداء؟ قال : هذه الساعة ، وهي تقوم في يوم الجمعة ، وهو سيّد أيّام الدنيا ، ونحن ندعوه في الجنّة يوم المزيد. قلت : يا جبريل : ولم تدعونه يوم المزيد؟ قال : لأنّ الله عزّ وجلّ اتّخذ في الجنّة وادياً أفيح من مسك أبيض ، فإذا كان يوم الجمعة ينزل ربّنا على كرسي إلى ذلك الوادي ، وقد حفّ العرش بمنابر من ذهب مكلّلة بالجوهر ، وقد حفّت تلك المنابر بكراسي من نور ، ثمّ يأذن لأهل الغرفات فيقبلون يخوضون كثائب المسك إلى الركب ، عليهم أسورة الذهب والفضّة ، وثياب السندس والحرير ، حتّى ينتهوا إلى ذلك الوادي ، فإذا اطمأنّوا فيه جلوسا ، يبعث الله عزّ وجلّ عليهم ريحاً يقال لها : المثيرة ، فثارت ينابيع المسك الأبيض في وجوههم وثيابهم ، وهم يومئذ جرد مرد مكحلون أبناء ثلاث وثلاثين ، يضرب جمامهم إلى سررهم على صورة آدم يوم خلقه الله عزّ وجلّ (١).
جعلوا الله ينزل كلّ ليلة إلى الدنيا :
روى البخاري في صحيحه ، عن أبي هريرة رضياللهعنه : أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : « ينزل ربّنا تبارك وتعالى كلّ ليلة إلى السماء الدنيا ، حين يبقى ثلث الليل الآخر ، يقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له » (٢).
روى مسلم في صحيحه ، عن أبي هريرة : أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : « ينزل ربّنا تبارك وتعالى كلّ ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، ومن يسألني فأعطيه ، ومن يستغفرني
__________________
(١) الدرّ المنثور ٦ : ٢٩٢.
(٢) صحيح البخاري ٢ : ٤٧.