أراك خفت أن يختلف المسلمون إن متُّ في غشيتي ؟ ! قال : نعم . قال : جزاك الله خيراً عن الإسلام وأهله .
فلمَّا كتب العهد أمر أن يُقرأ علىٰ الناس ، فجمعهم وأرسل الكتاب مع مولىً له ، ومعه عمر ، فكان عمر يقول للناس : أنصتوا واسمعوا لخليفة رسول الله ، فإنَّه لم يألكم نُصحاً ! فسكت الناس (١) .
بالأمس القريب ادَّعىٰ أبو بكر أنَّ الخلافة حقٌّ من حقوق المسلمين ، يولُّون من يجمع أمرهم عليه ، لكنَّه اليوم أوصىٰ لعمر بن الخطَّاب ، دون أن يجمع المسلمين علىٰ كلمة واحدة !
ولنرىٰ بعد ذلك قول الأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود في كتابه « عليُّ بن أبي طالب » وهو يتحدَّث عن موقفه من أبي بكر ، بعد أن أوصىٰ لعمر بن الخطَّاب من بعده ، قائلاً : « وكان حريَّاً بأن يفصم الغضب قلب عليٍّ عليهالسلام لأنَّه إصرار علىٰ الحيف بعد الحيف ، ولكنَّه كظم وصبر ، ولم يضرَّه أن يأخذ مقعده في ذيل الناس ، ما دام أصحاب الرسول قد بيَّتوا علىٰ نزع سلطان محمد من آله والخروج به ثانية من عقر بيته ، ولم يكن هذا بمستغرب من قريش ، ولكنَّه كان عجباً غاية العجب من الشيخ ، بعد أن استوت بينه وبين عليٍّ الأمور ، ولم تعد خافية علىٰ أبي بكر مكانة الشابِّ وأثره في حياة الجماعة الإسلامية ، من تضحيات وبذل عند ولادة الدين ومن حكمة وفضل ، ودولة الإسلام تشقُّ طريقها إلىٰ الأمام . . . » (٢) .
وتوفِّي أبو بكر في ٢١ ـ ٢٢ جمادىٰ الآخرة سنة ١٣ هـ أواخر آب ٦٣٤ م .
_______________________
١) الكامل في التاريخ ٢ : ٢٧٣ ، وما بعدها .
٢) عن سيرة الأئمة الأثني عشر ١ : ٣٢٣ .