اتخذت قريش شتىٰ الأساليب لردع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأتباعه من المسلمين ، ولمَّا أنّ رأت أنّ الإسلام يفشو ويزيد ، اتفقوا بعد تفكير طويل علىٰ قتل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأجمع مَلَؤُها علىٰ ذلك ، وبلغ أبا طالب فقال :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم |
|
حتَّىٰ أُغيَّب في التراب دفينا |
ودعوتني وزعمت أنَّك ناصِحٌ |
|
ولقد صدقت وكنت ثَمَّ أميناً |
وعرضت ديناً قد علمتُ بأنَّه |
|
من خير أديان البرية دينا (١) |
ولمَّا علمت أنَّها لا تقدر علىٰ قتله ، وأنَّ أبا طالب لا يسلّمه ، وسمعت بهذا من قول أبي طالب ، كتبت الصحيفة القاطعة الظالمة التي تنصُّ علىٰ مقاطعة بني هاشم واتباعهم وحصرهم في مكان واحد ، وقطع جميع وسائل العيش عنهم ، وألّا يناكحوهم حتَّىٰ يدفعوا إليهم محمَّداً صلىاللهعليهوآلهوسلم فيقتلوه ، وإلَّا يموتوا جوعاً وعطشاً ، وختموا علىٰ الصحيفة بثمانين خاتماً .
وكان الذي كتبها منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار ، فشلَّت يده (٢) وقيل . وقَّعها أربعون من زعماء مكَّة ، ثُمَّ علَّقوا الصحيفة في جوف الكعبة وحصروهم في شعب أبي طالب ست سنين (٣) ، وذلك في أول المحرم من السنة السابعة لمبعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقيل : استمر نحواً
_______________________
١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣١ .
٢) و ٣) نفس المصدر .