ويقول عليهالسلام : « أنا الصدّيق الأكبر، آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر » (١).
وأمّا أبو بكر، فقد أخرج الطبري في تاريخه بسندٍ صحيح أنه أسلم بعد خمسين رجلاً، وهذا نصّ روايته : «حدّثنا ابن حُميد، قال حدّثنا كنانة بن جبلة، عن إبراهيم بن طَهمان، عن الحجّاج بن الحجّاج، عن قتادة، عن سالم بن أبي سالم بن أبي الجَعْد، عن محمد بن سعد، قال : قلت لأبي : أكان أبو بكر أوَّلكم إسلاماً ؟ فقال : لا، ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين» (٢).
بُعثَ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يضع في حسابه أنَّ دعوته ستجابه بالرفض والتحدِّي دون أدنىٰ شكٍّ، فعرب الجاهلية تشرَّبت قلوبهم بعبادة الأوثان، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تشغله هموم التبليغ، وخاصة انَّه كان يتمنَّىٰ أن يسارع في الاستجابة له أهله وعشيرته، وكلُّ من يتَّصل به بنسب أو سبب، لأنَّهم آله وعشيرته الذين يشكِّلون قوة مكينة، لمكانتهم المرموقة في داخل مكَّة وخارجها، فسيعود عليه إسلامهم بالنصر حتماً، فيصبح مرهوب الجانب وفي منعةٍ من الأعداء الألدَّاء، وهذه وسيلة متينة لتثبيت دعائم دعوته.
ومع كلِّ تمنِّياته تلك كان يخشىٰ أيضاً أن يرفضوا دعوته إذا دعاهم
_______________________
١) ترجمة الامام علي عليهالسلام من تاريخ دمشق ١ : ٦٢ / ٨٨.
٢) تاريخ الطبري ٢ : ٣١٦.