ذلك أمير المؤمنين فعجب لتوقف أبي بكر في هذه المفردة ، ثُمَّ لكلامه في التخلُّص منها .
سُئل أبو بكر عن معنىٰ « الأبِّ » في قوله تعالىٰ : ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) (١) ، فتحيَّر في معناها ، فقال : أيُّ سماء تظلُّني أو أيُّ أرضٍ تقلُّني : أم كيف أصنع إن قلت في كتاب الله تعالىٰ بما لا أعلم ؟ ! أمَّا الفاكهة فنعرفها ، وأمَّا الأبُّ فالله أعلم به !
فبلغ مقاله هذا أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال : « يا سبحان الله ! أما علم أنَّ الأبَّ هو الكلأ والمرعىٰ ؟ ! وأمَّا قوله عزَّ اسمه : ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) اعتدادٌ من الله سبحانه بإنعامه علىٰ خلقه فيما غذَّاهم به وخلقه لهم ولأنعامهم ، مما تحيىٰ به أنفسهم وتقوم به أجسادهم » (٢) .
ونحو هذا في جوابه عليهالسلام في معنىٰ الكلالة ، بعد أن تحيَّر فيها أبو بكر وتردَّد في معناها (٣) .
في اللحظات الأخيرة من عمر أبي بكر ، عزم علىٰ أن يعهد بالخلافة من بعده إلىٰ عمر بن الخطَّاب ، كذا وبكلِّ جرأة أنكر هو وأصحابه حديث الوصاية لعليٍّ عليهالسلام ويوم غدير خُمٍّ ، وكأنَّ خلافة المسلمين ورثٌ ورثه من أبي قحافة ، وعليٌّ عليهالسلام شهد كلَّ ذلك فكضم غيضه وأغمض عينيه ، وهو صاحب الحقِّ الأوَّل والأخير .
_______________________
١) سورة عبس : ٣١ .
٢) الإرشاد ١ : ٢٠٠ .
٣) انظر المصدر السابق ١ : ٢٠٠ ـ ٢٠١ .