رحم ، وتركت ما فيها من أسماء الله تعالىٰ . فقال النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعمِّه أبي طالب وكلِّ من في الشعب ، حتَّىٰ صاروا إلىٰ الكعبة الشريفة ، واجتمع الملأ من قريش من كلِّ أوب فقالوا : قد آن لك أن تذكر العهد وتدع « اللجاج في ابن أخيك » !
وقال لهم : إنَّ ابن أخي أخبرني أنَّ الله تعالىٰ أرسل علىٰ صحيفتكم الأرضة ، فأكلت ما فيها من قطيعة رحم وظلم ، وتركت اسم الله تعالىٰ ، فإن كان كاذباً سلَّمته إليكم لتقتلوه ، وعلمنا أنَّكم علىٰ حقٍّ ، ونحن علىٰ باطل ، وإن كان صادقاً علمتم أنَّكم ظالمون لنا ، قاطعون لأرحامنا . فقالوا : قد أنصفتنا .
وقاموا سراعاً وأحضروها وإذا الأمر كما قال أبو طالب ، فبهتوا ونكسوا رؤوسهم ثُمَّ قالوا : إنَّ هذا لسحر وبهتان ! !
فقويت نفس أبي طالب واشتدَّ صوته ، وقال : « قد تبيَّن لكم أنَّكم أولىٰ بالظلم والقطيعة » (١) .
ضاق الأمر بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتراكمت عليه الأحداث بعد خروجه من محنة الحصار في شعب أبي طالب ، ولم تكن سوىٰ أيام قلائل حتىٰ توفِّي عمُّه أبو طالب ، ناصره ومعينه علىٰ أمره ، أقبلت قريش المذعورة علىٰ إيذائه بشتَّىٰ الأساليب ـ بأبي أنت وأمِّي يا رسول الله ـ فقد مات
_______________________
١) الكامل في التاريخ ١ : ٦٠٦ .