قال فيها معاوية مخاطباً محمَّد بن أبي بكر : «قد كنَّا وأبوك معنا في حياة نبيِّنا نرىٰ حقَّ ابن أبي طالب لازماً لنا، وفضله مبرزاً علينا» (١).
ومن قول محمَّد بن أبي بكر في رسالته إلىٰ معاوية، يصف فيها عليَّاً عليهالسلام : «وهو وارث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ووصيُّه، وأبو ولده، أوَّل الناس له اتِّباعاً، وأقربهم به عهداً، يخبره بسرِّه ويطلعه علىٰ أمره» (٢).
إضافة إلىٰ هذا الاجراء النظري الصريح بخلافة عليٍّ عليهالسلام وولايته، أراد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن ينفِّذ إجراءً عملياً بحقِّه عليهالسلام مرّة بعد أخرى قبيل رحيله.. ففي الأولى أمر بدواة وكتف ليكتب لهم كتاباً لن يضلّوا بعده، لكنَّها كانت الرزية التي أبكت ابن عبَّاس، حتىٰ بلَّ دمعه الحصىٰ!
قد حالوا دون كتابة الكتاب الذي سيكون آخر شهادة حقٍّ ناطقة بولاية عليٍّ عليهالسلام وإذا بقول أحدهم : «حسبنا كتاب الله» لكنّ كتاب الله يقول : ( مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ) (٣)! ومن عصىٰ الرسول فقد عصىٰ الله..
وفي الثانية عزم صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخلي المدينة المنورة ممّن يعلم منهم الخلاف علىٰ علي عليهالسلام والمنازعة في الخلافة، فعقد الراية لأسامة وأمرهم بالانقياد
_______________________
١) انظر اشارة الطبري : تاريخ الطبري ٤ : ٥٥٧ ـ أحداث سنة ٣٦، ونص رسالته في مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٢١، تحقيق عبدالأمير مهنا، مؤسسة الأعلمي ـ بيروت، ١٩٩١م، وشرح نهج البلاغة ٣ : ١٨٨.
٢) مروج الذهب ٣ : ٢١، شرح نهج البلاغة ٣ : ١٨٨.
٣) سورة النساء : ٤ / ٨٠.