في أنظار الجماهير أقوىٰ منه في حال العزل ، لأنَّه لا يستطيع أن يقول للناس : إنَّه يأبىٰ البيعة لمن ولَّاه ، ولا يعتبرها إلَّا ثمناً يشتري أمير المؤمنين صمته عن اتهامه بمقتل عُثمان » (١) .
بينما كان الإمام عليٌّ يجهِّز جيشاً إلىٰ الشام بقيادته ؛ لكسح معاوية وبطانته الفاسدة ، أتاه الخبر عن طلحة والزبير وعائشة من مكَّة بما عزموا عليه ، فاستعدَّ لحرب الناكثين « وسار عليٌّ من المدينة في تعبئته التي تعبَّاها لأهل الشام آخر شهر ربيع الآخر سنة ستٍّ وثلاثين » (٢) .
رسم الإمام في سياسته الجديدة خطوط الحكم العريضة ، وكان وسامها : « لا فضل لعربي علىٰ أعجمي » ، أثارت هذه السياسة غضب المتمرِّدين علىٰ الحكم ، وكان منهم ما كان من الخروج عليه ، فلمَّا أدرك طلحة والزبير برفض الإمام أن يجعل لهما ميزة علىٰ غيرهما ، فلا ينالان إلَّا ما ينال المسكين والفقير بعطاء متساوٍ . .
بعد أن أدركا كلَّ هذا سكتا علىٰ مضضٍ ، وأخذا يعملان للثورة ضدَّه ، ضدَّ الحكم الجديد ، فانضمَّا إلىٰ الحزب الأُموي . .
لقد كان قرار التسوية « هو السبب الخفي والحقيقي لخروج من خرج علىٰ عليٍّ ، ولنكوث من نكث بيعته ، وإن توارىٰ ذلك تحت دعوىٰ مفتعلة اسمها دم عُثمان » (٣) !
_______________________
١) بالواسطة ، عن سيرة الأئمة الأثني عشر : ٣٩٨ .
٢) الكامل في التاريخ ٣ : ١١٤ .
٣) الزيدية / د . أحمد صبحي : ٤٤ ، مؤسَّسة الزهراء للإعلام العربي ـ ١٩٨٤ م .