الحق والعدل، ويأخذ مبداً التكافل الاجتماعي طريقه إلىٰ الواقع.. إنها مباديء السياسة النموذجية التي تتوخىٰ صناعة المجتمع النموذجي.
انتخب الإمام عليٌّ عليهالسلام رجالاً من الذين أُبعدوا في عهد سابقيه دون أدنىٰ سبب، جعلهم مكان الولاة الذين ضجَّت الأُمَّة من سياستهم المنحرفة، كالوليد بن أبي معيط ـ الذي سمَّاه القرآن فاسقاً ـ وعبدالله بن أبي سرح، الذي انتفضت عليه مصر، وعبدالله بن عامر، ومعاوية الرجل المتجبِّر!
وأمَّا البدائل، فهم : قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري، والأنصاريان الجليلان : سهل بن حنيف وعُثمان بن حنيف، بدائل عن ابن أبي سرح وابن عامر ومعاوية، علىٰ مصر والبصرة والشام (١).
وجعل عبيدالله بن عبَّاس علىٰ اليمن، وقثم بن عبَّاس علىٰ مكَّة.
لكنَّ عقبة استبدال معاوية كانت هي الأشدُّ، حيث تربَّع علىٰ العرش، يذبح شيعة الإمام عليٍّ عليهالسلام ويستنُّ السنن لأهل الشام، الذين لا يعرفون من الإسلام إلَّا ما يعرِّفهم به معاوية، فعمل علىٰ أن لا يبقي في الشام صحابياً، فأخرج منها أبا ذرٍّ، وعبادة بن الصامت وغيرهم، لتخلو له أرض الشام فلا يعرفوا غيره!
وجاءت وصايا الإمام عليهالسلام إلىٰ الولاة، فكتب يقول لأحدهم : « واعلم أنَّ الرعيَّة طبقات، لا يصلح بعضها إلَّا ببعض، ولا غنىٰ ببعضها عن بعض،
_______________________
١) أنظر : الأخبار الطوال : ١٤١.