وحقُ الرعية علىٰ الوالي، فريضةٌ فرضها الله سبحانه لكلٍّ على كلٍّ، فجعلها نظاماً لأُلفتهم، وعزّاً لدينهم.
فليست تصلح الرعية إلّا بصلاح الولاة، ولا تصلح الولاة إلّا باستقامة الرعية، فإذا أدّت الرعية إلى الوالي حقه، وأدّىٰ الوالي إليها حقّها، عزّ الحقّ بينهم، وقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم العدل، وجرت على أذلالها السنن، فصلُح بذلك الزمان، وطمع في بقاء الدولة، ويئست مطامع الأعداء...
وإذا غلبت الرعية واليها، وأجحف الوالي برعيته، اختلفت هنالك الكلمة، وظهرت معالم الجور وكثُر الإدغال في الدين، وتُركتْ محاجُّ السنن، فعمل بالهوىٰ وعطّلت الأحكام وكثرت علل النفوس، فلا يستوحَش لعظيم حقٍّ عُطِّل، ولا لعظيم باطلٍ فُعل، فهنالك تذلّ الأبرار، وتعِزُّ الأشرار.
فعليكم بالتناصح في ذلك، وحسن التعاون عليه، فليس أحد ـ وإن أشتدّ علىٰ رضى الله حرصه، وطال في العمل اجتهاده ـ ببالغ حقيقة ما الله أهلّه من الطاعة.. وليس أمرؤٌ ـ وإن عظمت في الحق منزلته، وتقدّمت في الدين فضيلته ـ بفوق أن يعان على ما حمّله الله من حقّه، ولا امرؤٌ ـ وإن صغّرته النفوس واقتحمته العيون ـ بدون أن يعين علىٰ ذلك أو يعان عليه » (١)..
وهكذا تتكامل المسؤوليات، وتتعاضد الأدوار، ويستوي الناس أمام
_______________________
١) نهج البلاغة : الخطبة : ٢١٦، بتصرف.