الرجوع إليك، وإن تكن الأُخرىٰ فإنَّنا ننابذك علىٰ سواء، إنَّ الله لا يهدي كيد الخائنين » (١)!
فلمّا يئس منهم تحرَّك بجيشه صوب الشام، حتىٰ بلغ منطقةً في أعالي الفرات تُدعىٰ «عانات» فأتته أخبار فضيعة عن الخوارج، إذ أصبحوا يعترضون الناس فيقتلونهم دون أدنىٰ ذنبٍ، إلَّا لأنَّهم لم يتبرَّأوا من عليٍّ ولم يكفِّروه لما حدث! حتىٰ أنَّهم أقبلوا أخيراً إلىٰ قتل عبدالله بن خباب بن الأرت الصحابي الشهير، وقتلوا معه امرأته وبقروا بطنها وهي حامل، وقتلوا عدَّة نساءٍ، وبثُّوا الرعب في الناس.
فبعث إليهم أمير المؤمنين الحارث بن مرَّة العبدي ليأتيه بخبرهم، فأخذوه فقتلوه (٢). فتمخَّضت تلك الأحداث عن معركة النهروان الشهيرة..
المعروفة بوقعة الخوارج، وحصلت الوقعة سنة ٣٧هـ.
لمَّا بلغ عليَّاً عليهالسلام قتل «المحكِّمة» لعبدالله بن خباب بن الأرت واعتراضهم الناس، وقتلهم مبعوث الإمام إليهم، قال المسلمون الذين معه : يا أمير المؤمنين علامَ ندع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في عيالنا وأموالنا؟ سر بنا إلىٰ القوم، فإذا فرغنا منهم سرنا إلىٰ عدوِّنا من أهل الشام.
فرجع عليهالسلام بجنده الذين ذعروا علىٰ أهليهم من خطر الخوارج، والتقت
_______________________
١) الكامل في التاريخ ٣ : ٢١٦، الأخبار الطوال : ٢٠٦.
٢) أنظر : الكامل في التاريخ ٣ : ٢١٩، البداية والنهاية ٧ : ٣١٨ ـ ٣١٩.