خثعم، ربيعة بن أبي شداد فقال له : « بايع علىٰ كتاب الله وسُنَّة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم »، فأبىٰ بأن يبايع إلَّا علىٰ سُنَّة أبي بكر وعمر! فقال له عليٌّ عليهالسلام حين ألحَّ عليه : تبايع؟ قال : لا، إلَّا علىٰ ما ذكرتُ لك.
فقال له الإمام : « أما والله، لكأنِّي بك قد نفرت في هذه الفتنة، وكأنِّي بحوافر خيلي قد شدخت وجهك »! قال قبيصة : فرأيته يوم النهروان قتيلاً قد وطأت الخيل وجهه وشدخت رأسه ومثَّلت به، فذكرت قول عليٍّ، وقلت : لله درُّ أبي الحسن، ما حرَّك شفتيه قط بشيءٍ إلَّا كان كذلك! (١).
وكان همُّ الإمام عليهالسلام في العود إلىٰ محاربة معاوية، فعبَّأ جنده، لكنَّه وبعد ذلك كلِّه لم يترك «المحكِّمة» فكتب إليهم كتاباً جاء فيه : « بسم الله الرحمٰن الرحيم، من عبدالله عليٍّ أمير المؤمنين إلىٰ عبدالله بن وهب الراسبي ويزيد بن الحصين ومن قبلهما : سلام عليكم، وبعد، فإنَّ الرجلين اللذين ارتضيتماهما للحكومة خالفا كتاب الله واتَّبعا هواهما بغير هدىً من الله، فلمَّا لم يعملا بالسُنَّة ولم يحكما بالقرآن تبرَّأنا من حكمهما، ونحن علىٰ أمرنا الأوَّل، فأقبلوا إليَّ رحمكم الله، فإنَّا سائرون إلىٰ عدوِّنا وعدوِّكم لنعود لمحاربتهم، حتىٰ يحكم الله بيننا وبينهم، وهو خير الحاكمين » (٢).
وردُّوا علىٰ هذا الخطاب الحكيم المتَّزن بخطابٍ ينمُّ عن شدَّة تعسُّفهم وردِّهم المارق، فكتبوا إليه : « فإن شهدت علىٰ نفسك أنَّك كفرت في ما كان من تحكيمك الحكمين، واستأنفت التوبة والإيمان، نظرنا في مسألتنا من
_______________________
١) الإمامة والسياسة ١ : ١٢٥ ـ ١٢٦، الكامل في التاريخ ٣ : ٢١٦ باختلافٍ يسير.
٢) الإمامة والسياسة ١ : ١٢٣.