وخلع صاحبه، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه، وأُثبت صاحبي معاوية! (١) فدُهش أبو موسىٰ وشتم عمرو وشتمه عمرو، وانفضَّ التحكيم عن هذه النتيجة!
والتمس المسلمون أبا موسىٰ فهرب إلىٰ مكَّة، ثُمَّ انصرف عمرو وأهل الشام الىٰ معاوية فسلَّموا عليه بالخلافة.
مع هذه النتيجة عاد عليّ عليهالسلام يعمل علىٰ إعادة نظم جيشه، استعداداً لمرحلة جديدة من الحروب مع أهل الغدر، ولكن فتناً جديدة نجمت بين أصحابه ستمنع من انطلاقته صوب أهدافه..
قام يوماً خطيباً بين أصحابه، فقام إليه رجل من اُولئك «المحكمّة» فقال : لا حكم إلَّا لله! ثُمَّ توالىٰ عدَّة رجال يحكِّمون. فقال عليٌّ عليهالسلام : « الله أكبر، كلمة حقٍّ أُريدَ بها باطل! أما إنَّ لكم عندنا ثلاثاً ما صحبتمونا : لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه، ولا نمنعكم الفيء مادامت أيديكم في أيدينا، ولا نقاتلكم حتىٰ تبدأوا، وإنَّما نتّبع فيكم أمر الله » (٢)..
بهذه الأخلاق النبيلة تعامل الإمام مع المارقين، ورغم ذلك فقد مضوا على غيّهم، فاعتزلوا بقيادة عبدالرحمٰن بن وهب الراسبي، ثمَّ خرجوا من الكوفة.
فبايع المسلمون الإمام عليَّاً عليهالسلام وقالوا : «نحن أولياء من واليت، وأعداء من عاديت » فشرط فيهم سُنَّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم، وجاء دور صاحب راية
_______________________
١) الكامل في التاريخ ٣ : ٢٠٨، سير أعلام النبلاء ٢ : ٢٧٠ ـ ٢٧١.
٢) الكامل في التاريخ ٣ : ٢١٢ ـ ٢١٣، البداية والنهاية ٧ : ٣١٥ ـ ٣١٦.