فقد ترك «الحكَّام» غير الشرعيين صوراً تحفل بالآلام والمخازي، شوَّهت الإسلام في أذهان الذين لا يعرفون عنه شيئاً إلَّا اسمه.. لكن الذي وقع هو أنَّ خلافة الإمام عليهالسلام قصيرة جدَّاً، بسبب تلك الأُمور التي أحاطت به، ولم تترك له مجال يمكِّنه من الإصلاح الشامل، وبناء دولة إسلامية ذات أُسس رصينة، كما أراد ذلك الله ورسوله..
لم يكن الإمام عليَّاً عليهالسلام طالب ملك.. فهو لا يرىٰ السلطة إلَّا وسيلةً للحقِّ والعدالة.. لذلك نراه يصرُّ علىٰ عزل معاوية؛ لأنَّ إبقاءه ولو يوم واحد يعني إقرار الظلم والجور، وأجاب من أشار عليه بترك معاوية وشأنه بقوله : ( وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا )! فهو لا يرىٰ معاوية إلَّا ضالَّاً مضلَّاً، لذلك كرَّس كلَّ قوَّاته لاجتياح الظلم من أرض الشام، كما أجتاحها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أرض الحجاز!
وقال الأستاذ عبدالفتاح، حول سياسة عليٍّ عليهالسلام من أنصار عُثمان وولاته : «إنَّ الناظر إلىٰ سياسة عليٍّ عليهالسلام حيال ولاة عُثمان، ليعلم مدىٰ صوابه حين أبىٰ إلَّا خلعهم وتولية سواهم، ممَّن يؤمنون بمبادئه ومثله، ويعلم أيضاً أنَّه كان نافذ البصيرة مؤمناً باستجابة البلاد كلِّها له، لأنَّه لم يعمل إلَّا ما أملاه عليه شعور أهل الأمصار نحو أولئك الولاة، وها هو الزمن قد أثبت فراسته فجاءته الطاعة من كلِّ الأقاليم.
أمَّا الشام فلها وحدها شأن تنفرد به في قبضة رجل مفتون بالسلطان إقراره عليها وعدم إقراره سواء بسواء لن يسفر إلَّا عن تمرُّد؛ لأنَّه لا يرضىٰ بغير احتلاب السلطان الذي وقع في كفِّ غريمه القديم».
ومضىٰ يقول : «ولعلَّه لو أثبته
الإمام في حكم الشام، لوسعه أن يبدو