لدين التوحيد، فينضمُّوا إلىٰ غيرهم من الأعداء والمكذِّبين والمستهزئين ببعثته صلوات الله وسلامه عليه..
في تلك اللحظات الحاسمة دوّىٰ صوت جبرئيل ليملأ أُذني النبي بالنذارة، مبلِّغاً عن الله عزَّ اسمه قوله : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ * وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ) (١). ألقاها علىٰ عاتقه الشريف، وليس له مناصر ومعين غير نفر قليل مستخفّين بإيمانهم، وكان هذا الحدث بعد مبعثه الشريف بثلاث سنين.
قال جعفر بن عبدالله بن أبي الحكم : «لمَّا أنزل الله علىٰ رسوله ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) اشتدَّ ذلك عليه وضاق به ذرعاً، فجلس في بيته كالمريض، فأتته عمَّاته يعُدنه، فقال : « ما اشتكيتُ شيئاً، ولكن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين »» (٢)..
بعد ذلك عزم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم امتثالاً لأوامر الله تعالىٰ علىٰ إنذار آله وعشيرته ودعوتهم إلىٰ الله، فجمع بني عبدالمطلب في دار أبي طالب، وكانوا أربعين رجلاً ـ يزيدون رجلاً أو ينقصون رجلاً ـ وكان قد قال لعلي عليهالسلام : « اصنع لي صاعاً من طعام واجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عساً من لبن »، قال علي عليهالسلام وهو ينقل هذا الحديث واصفاً قومه : « وإنَّ منهم من
_______________________
١) سورة الشعراء : ٢١٤.
٢) الكامل في التاريخ ١ : ٥٨٤.